احتضنت المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة أمس، فعاليات الملتقى المغاربي الأول "المقاربة النصية في المدرسة الجزائرية"، حيث تناول مجموعة من الأساتذة جملة من المحاور الهامة التي تتعلق بالمقاربة النصية، والنظر في مدى فعاليتها ونجاعتها في تعليم اللغة العربية، أو الاعتماد على مقاربات بديلة. أُستهل افتتاح الملتقى بكلمة ألقاها مدير المدرسة العليا للأساتذة عبد الله قلي، مشيرا إلى أن التغيرات والتكتلات المعرفية المتناهية، والتغيرات الثقافية والاقتصادية إلى جانب التحولات الاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم، أصبحت تؤثر في الأنظمة والتجديدات المستقبلية في ميدان التعليم والتكوين، مما يعزز حسبه أهمية البحث العلمي والتربوي في حل المشكلات التربوية التي تطرأ على ساحة الميدان، حيث يسهم بصورة كبيرة في عملية إصلاح النظم التعليمية، مضيفا بأن الجزائر تسعى جاهدة لأن تتبوأ مكانة لها بين الدول عبر سلسلة من الإصلاحات التي عرفتها في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التربية والتعليم وإصلاح المنظومة التربوية، والذي تم بموجبها تبني مقاربات جديدة استجابة للتطورات الحاصلة وتحديات العولمة، ومن بينها المقاربة النصية. وقال عبد الله قلي بأننا اليوم بحاجة إلى تنشيط البحث التربوي وتطويره مع محاولة التعرف على المشكلات التي تواجهه، عبر التشخيص الدقيق والدراسة الموضوعية لاقتراح الحلول والعمل بها، وخلال مداخلته قدم مجموعة من التساؤلات التي وجب من منظوره البحث فيها، من بينها "لماذا راهنت منظومتنا التربوية على المقاربة النصية"، "ما هي أبرز مفاهيم الكتابة النصية وحدودها وتطبيقاتها"، و«ما هو أثر المقاربة النصية في اكتساب المتعلم للكفاءات اللغوية،" متمنيا أن يكون الملتقى فرصة لتبادل الخبرات والتجارب المعرفية بين أساتذة المدرسة والجامعات والمهتمين بالتعليم والتكوين. ومن جهته قال السعيد بن زرقة إنه بالرغم من أن هذه المقاربة مكرسة في التعليم، إلا أنه يتوجب علينا القيام بعملية وصفها والحفر في تاريخها وتقييمها، والنظر في فعليتها في الميدان وفهمها من قبل المدرس والتلميذ، مشيرا في تصريح ل«الشعب" إلى أن هناك مجموعة من التساؤلات سيتم مناقشتها، بحيث توزع على محاور، حيث يبحث المحور الأول في تاريخ المقاربة النصية وأسسها ووظائفها، في حين يناقش الثاني تطبيق المقاربة النصية في الميدان والكتب المدرسية، أما المحور الثالث فيبحث عما إذا كانت هناك بدائل للمقاربة النصية، والتي تعتبر النص هو مركز التعلمات، بعد أن كانت الجملة هي الأساس. والآن يقول بن زرقة بأن الكفاءات في المقاربة النصية انتقلوا إلى النص ليكون هو الأساس في تعليم اللغة العربية، حيث كانت الجمل النحوية والبلاغية والصرفية في الماضي هي الأصل لتعليم لغة الضاد، مؤكدا في ذات السياق أن هذه الطريقة ليست مقدسة لكنها تحتاج إلى مناقشة ومراجعة ومحاولة فهمها وتفعيلها في الميدان. وأضاف المتحدث أن كل مقاربة حين تطبق يُفترض أن نقوم بإعادة مراجعتها حتى نرى فاعليتها في الميدان، لأن الهدف الأساسي من المقاربة هو تعليم اللغة العربية، بمعنى أن البلاغة والصرف والنحو كلها روافد تخدم هذه اللغة، قائلا إنه إذا كان تعلمها في الوقت الراهن إيجابي هنا يمكن القول بأنها المقاربات ناجعة، وإن كان هناك خلل فهي فاشلة، مضيفا بأنه يمكن أيضا الانفتاح على مقاربات بديلة، بحيث يمكن تحليل النص إما عن طريق التناص، أو السياقات، وأيضا من خلال الأنواع وليس الأنماط وهذا يعني حسب المتحدث بأن النص يمكن تحليله وإجراء له مقاربة من خلال مداخل أخرى، "بمعنى أن المقاربة النصية ليست الوحيدة والنهائية في فهم النص"، مؤكدا بأن الملتقى يبحث في البدائل الناجعة. واعتبر بوزيدي إسماعيل رئيس قسم اللغة العربية بالمدرسة بأن تنظيم ملتقى عن المقاربة النصية على اعتبار أنها خيارا تربويا ومنهجيا وانطولوجيا في المدرسة الجزائرية، وهي تجربة عمرت حسبه لمدة عقد من الزمن كونها تزامنت مع المناهج البنيائية التشيدية في المدرسة الجزائرية وفي جميع المراحل من الابتدائي إلى المتوسط والثانوي، مبرزا بأنه آن الأوان لتقييم التجربة فيما حققته من نتائج ناجحة أو فاشلة. كما عالج بوزيدي في مداخلته طبيعة وفلسفة المقاربة النصية، مشيرا إلى أن المقاربة النصية إشكالية معرفية قبل أن تكون منهجية.. ويرى بأن تعلم اللغة العربية يأتي من منطلق النص، كما تعاملنا مع اللغة هو الذي يعكس تصوراتنا لها. وتطرق المحاضر أيضا إلى مفهوم المقاربة النصية حسب المناهج التعليمية والبنائية وأهداف المقاربة النصية، والمتمثلة في النظر إلى اللغة على أنها كل ملتحم ولا يجب تجزئته، وأن ننطلق من النص ونتخذه محورا للتعلمات اللغوية، واكتساب المهارات اللغوية الأربع وهي مهارة الفهم والسمع، مهارة القراءة، إضافة إلى مهارتي التعبير الشفوي والكتابة. وللإشارة تتواصل أشغال الملتقى اليوم بتقديم مجموعة من المداخلات، والتي ينشطها نخبة من الأساتذة والمهتمين من دول المغرب العربي.