يوجد ضمن الفريق الذي سيدير الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة في الرئاسيات المقبلة، ثلاثة أسماء أخرجها القاضي الأول من "الباب الضيّق"، وهم: الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، ورئيس الحكومة وممثله الشخصي السابق، عبد العزيز بلخادم، وبدرجة أقل، الأمين العام السابق لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، عبد القادر واعلي، الذي أزيح من منصبه بعد تكليف الطيب بلعيز بحقيبة هذه الوزارة. الكثير من المتابعين للشأن السياسي، تفاجؤوا لما وجدوا هؤلاء الثلاثة في واجهة مديرية الحملة الانتخابية الخاصة بالعهدة الرابعة، إلى درجة أن هناك من تساءل حتى عن "الكرامة السياسية" لهؤلاء، وما إذا كانوا هم من عرضوا خدماتهم على الفريق الرئاسي، أم أن الأمر عرض عليهم ولم يتخلفوا عن تلبية الدعوة، رغم ما حصل لهم. يجمع العارفون على أن لبوتفليقة "فضلا سياسيا كبيرا" على أويحيى ومعه بلخادم. فالرئيس هو الذي أعاد ابن آفلو (بلخادم) إلى الواجهة السياسية، بعد عشرية من "التيه السياسي"، وهو الذي حلّ المجلس الشعبي الوطني في 1991 حتى لا يتحوّل إلى ثاني رجل في الدولة. كما أن بوتفليقة هو الذي حافظ على بقاء أويحيى في واجهة الجهاز التنفيذي، عندما جاء إلى قصر المرادية في عام 1999، غير أنه وبالمقابل، عندما دارت الدائرة على الرجلين ووجدا نفسيهما خارج الجهاز التنفيذي، وضاقت بهما السبل على مستوى حزب جبهة التحرير الوطني، بالنسبة إلى بلخادم، والتجمع الوطني الديمقراطي، بالنسبة إلى أويحيى، لم يمد يده لإنقاذهما من الغرق. فمنذ إزاحة الرجلين من الأمانة العامة لحزبيهما في جانفي 2013، لم يظهر لهما أي أثر على الساحة، إلى درجة ظن فيها الجميع أن "صلاحياتهما" السياسية انتهت، وأن البلاد مقبلة على عهد جديد بوجوه سياسية جديدة، غير أن عودتهما إلى الواجهة، عبر بوابة الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة، تؤشر على أن الرجلين يمكن أن يكون لهما دور في مرحلة ما بعد 17 أفريل المقبل، ما يعني العودة إلى مرحلة ما قبل جانفي 2013، تاريخ إزاحتهما من الواجهة السياسية. المتعارف عليه هو أن المنخرطين في الحملة الانتخابية لمرشح ما، وخاصة عندما يتعلق الأمر، بمرشح "غير عادي" مثل الرئيس بوتفليقة، عادة ما يضعون نصب أعينهم أهدافا سياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات.. فهل البلاد مقبلة على مرحلة كتلك التي عاشتها في وقت سابق، عندما كان أويحيى وبلخادم يتناوبان على رئاسة الحكومة؟ وإذا صحت هذه الفرضية، ما الذي أضافت تلك المرحلة للبلاد، حتى يعاد استنساخها من جديد؟ الأمر الذي لا جدال فيه، هو أن الاستجابة السريعة للرجلين (...)، لنداء الفريق الرئاسي، تخفي رغبة جامحة لديهما في العودة السريعة إلى الواجهة، مهما كلفهما الأمر من ثمن. ويكون الرئيس بوتفليقة ومحيطه، قد خبروا بشكل جيد، نفسية الرجلين، وطريقة تفكيرهما، وأغوار طموحهما السياسي، فخاطبوهما من حيث نقطة ضعفيهما، كما تبين أيضا الاستجابة السريعة، أن أويحيى وبلخادم لم يستطيعا مقاومة "عذاب" البعد عن الأضواء، الذي آلمهما طيلة ال 15 شهرا التي أعقبت تنحيتهما من قيادة الآفلان والأرندي، وقبل ذلك، التخلي عن خدماتهما في الجهاز التنفيذي.