مع انطلاق موسم الأعراس الصيفية عادت إلى الواجهة بقرى ومداشر البويرة ظاهرة زواج الكهول والشيوخ من فتيات في عمر أحفادهم، هؤلاء يغتنمون حالاتهم الاجتماعية الصعبة، ويغرون أولياء الفتيات بالمال والسيارات والعقارات للظفر بالعروس الصغيرة والتي عادة ما تجبر العريس العجوز على تغيير مظهره وحتى سلوكياته حتى يظهر شابا، رغم أن نهاية زواج الشيوخ من الصغيرات تكون عادة مأساوية، كون المسافة شاسعة بينهما فيكون أحدهما في أقصى اليمين والآخر في أقصى اليسار، ولا صفات مشتركة تقرب بينهما، فيكونا كمن جمعتهما ضرورة أو مصلحة لأحد على حساب الآخر. ورغم أن زواج كبار السن من الصغيرات يختلف من حالة إلى أخرى، فهناك من يضطر للزواج بعد أن توفيت زوجته الأولى أو مرضت مرضا لا شفاء منه، فيبحث الشيخ عن امرأة من بين المسنات أو العاقرات وتكون قد تخطت مرحلة الشباب، فهذا لا غبار عليه، ولكن أغلبية الشيوخ يفضلون الصغيرات الجميلات في عمر بناتهم أو حفيداتهم، وتعتبر مثل هذه الظاهرة من الظواهر التي انتشرت مؤخرا في المجتمع والتي كانت نتائجها وخيمة على الأسر وعلى المجتمع.
عمي علي زوجته ابنته من صديقتها فاستولت على ثروته وهجرته "عمي علي" والذي يعتبر أحد ضحايا الزواج من العروس الصغيرة ينحدر من ضواحي مشدالة شرق البويرة، كان يشتغل عاملا يوميا في إحدى ورشات البناء بالمنطقة، له أربع بنات متزوجات وفجأة تحصل على أموال كثيرة، كونه اشتغل في فرنسا في سنوات الخمسينيات إلى أواخر السبعينيات، ولما ماتت زوجته قررت ابنته الكبرى تزويجه وهي من اختارت له الزوجة وكانت الزوجة من أعز صديقاتها، أرادت أن ترى أباها الحنون سعيدا وكذلك صديقتها العزيزة، ولا بد أن يكون العرس فخما، و"الكورتاج" يضاهي الموكب الرئاسي، والعروس تريد أن ترى الشيخ شابا. عمي علي الذي يراه يوميا سكان منطقته شيخا وقورا محترما في لباسه التقليدي القبائلي المتمثل في سروال تقليدي (ما يسمى بسروال اللوبيا أو سروال عرب) وعمامته الصفراء وجبته الناصعة البياض يوم الجمعة، وبعد الزواج تحول إلى ما يشبه بالمهرج، كونه يرتدي سروال جين ضيق وحذاء رياضي أو قبعة أحيانا أخرى، وبدأ يبتعد عن أقرانه، بل نادرا ما يدخل المسجد، فتراه دائم السفر مع زوجته بحجة زيارة الطبيب، وتظاهر بمرض في عينه التي يغطيها بضمادة وحتى نظارات سوداء، وكل ذلك تمهيدا للسفر إلى تونس بحجة علاج عينه ولابد أن ترافقه زوجته، ولكن هل تعرفون لماذا ابتعد عن القرية ولماذا سافر إلى تونس؟ كل ذلك من اجل عشيقها الشاب الذي سافر إلى تونس منفردا وتحت نفقة العشيقة طبعا، وفي الأخير اكتشف الشيخ اللعبة بعد أن استولت على كل أمواله وخوفا من الفضيحة تم الطلاق بالتراضي وعاد الشيخ وحيدا مفلسا، عاد إلى بناته وإلى القرية بعمامته وسرواله لا يستطيع أن يرفع رأسه خجلا وسقط مريضا وهو تحت رعايته ابنته الكبرى بعد أن عرفت أنها أخطأت في حقه وهي من زوجته بشابة اختارته فقط للاستيلاء على ماله.
الحاج إسماعيل 77 سنة تزوج من فتاة في عمر حفيدتيه! الحاج إسماعيل، تاجر ثري ينحدر من إحدى قرى بالجهة الغربية للبويرة يعرفه العام والخاص استطاع أن يمتلك محلات في ثلاث ولايات مختلفة ومحلا لبيع مواد البناء بقريته ويشرف على محلاته أبناؤه الثلاثة وبعد أن زار بيت الله الحرام حاجا وبعد عودته قال لمقربيه أن حياته لا معنى لها وأنه في صحة جيدة وأنه لم يفرط في أولاده وزوجته وضمن لهم المستقبل، والآن عليه ببدء حياة جديدة مع زوجة ثانية مادام الشرع حلل أربعا، على أن تكون الزوجة شابة صغيرة، لأنه لايزال شابا رغم انه عمره 77 سنة، وكانت الفكرة رائعة وعليه بتنفيذها، ونفذها فعلا وتزوج من فتاة من وهران في حفل بهيج لم يحضره أبناؤه الذين يرفضون الفكرة أصلا، وقد أرغمته عروسه على بيع كل أملاكه وشراء فيلا بوهران، حيث ترك أبناءه بالقرية يشتغلون لدى الخواص بعد أن جردهم والدهم من كل ممتلكاته.
الحاج سعيد تزوج من فتاة لكنه توفي بسكة قلبية ليلة الدخلة هاجر عمي السعيد إلى فرنسا قبيل استقلال الجزائر، تزوج هناك وأنجب أولادا، وعاد إلى القرية بعد أن توفيت زوجته، تركه أبناؤه كل إلى حال سبيله وهو شيخ تخطى السن السبعين، إلا انه يبدو في سن الثلاثين، فشرع في خدمة أرضه بعد أن حفر بئرا وفي غضون سنة حول الأرض إلى جنة خضراء، وأثناء أوقات فراغه يجوب المنطقة بسيارته الفخمة، ولكونه وحيدا وفي حاجة إلى زوجة، تزوج بفتاة لم يسعفها الحظ في الحصول على شهادة البكالوريا والتي أجبرها والدها على الزواج منه، كونه ابن عمه، لكن المسكين توفي بسكتة قلبية يوم زفافه عندما خرج من بيته لاستقبال عروسه الصغيرة تاركا لها ثروة لا يستهان بها وهي الآن متزوجة من رجل يماثلها سنا وأنجبت منه ولدين.