واسبانيا تشرع في ترحيل الموقوفين تستمر هذه الأيام مغامرات الحراڤة الجزائريين في صنع الحدث الوطني والإقليمي إلى درجة أذهلت المتتبعين والملاحظين الذين تفاجأوا من إصرار هؤلاء الشباب، القادمين من سواحل غرب البلاد قاصدين اسبانيا، على المجازفة بحياتهم وأموالهم مقابل تجسيد "الحلم" . وفي هذا الإطار، أمرت محكمة اسبانية يوم أمس، بإيداع أكثر من 50 شابا جزائريا الحبس المؤقت، في انتظار ترحيلهم، وذلك بعد القبض عليهم في مدينتي ألميريا وأليكانت اللتان استقبلتا - حسب مصادر اسبانية - عشرات المهاجرين في الأيام القليلة الماضية، ومن جنسيات مختلفة، بينهم جزائريون ومغاربة، إضافة إلى أفارقة من جنوب الصحراء، علما أن الصحافة الاسبانية، كانت قد أكدت خلال الأسبوع الفارط، تورط بعض أفراد الجيش الاسباني المتمركز في جزيرة سبتة المغربية المحتلة في تقديم تسهيلات لهؤلاء الحراڤة من أجل العبور، وذلك مقابل أموال طائلة تم تسليمها ك "رشاوى". يحدث ذلك، في الوقت الذي كشفت فيه خلية الإعلام بالمجموعة الولائية للدرك في وهران عن توقيف سبعة حراڤة جدد وذلك بعدما لفظتهم أمواج البحر إلى أحد شواطئ أرزيو، علما أنهم كانوا قد انطلقوا يوم الأربعاء الفارط، من شاطئ كوراليز، وانتهت أحلامهم سريعا بعد يومين، إذ تعطل بهم محرك القارب المطاطي الذي كانوا على متنه، وأعادتهم أمواج البحر إلى أرزيو، حيث أنقذهم حراس الشواطئ، ثم أحالوهم على التحقيق يوم أمس، بكتيبة الدرك في بوسفر. وحسب المصدر ذاته، فإن الأمر يتعلق بسبعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 و32 سنة، وقد اعترفوا أنهم انطلقوا ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، على متن قارب صيد مجهول، وذلك في حدود الساعة الحادية عشر، حيث جهزوه بمحرك وفرّه لهم شخص يدعى (أ) قالوا إنه متعود على تنظيم مثل هذه الرحلات انطلاقا من وهران، وقد جرى الاتفاق مع هؤلاء الحراڤة بعد عقد لقاءات معهم في مقهى شعبي يوجد في حي (سانت أطوان)، حيث سلموه مبلغا ماليا قيمته 10 ملايين سنتيم عن كل فرد. وأضاف هؤلاء الحراڤة في اعترافاتهم لمصالح الدرك أثناء التحقيق، أنهم اكتفوا بأخذ بوصلة قديمة معهم للاستدلال على اتجاهاتهم، وهي إحدى الطرق التي يلجأ إليها هؤلاء الشباب أثناء رحلاتهم، ناهيك عن الطريقة الثانية، وهي سفر شخص ضليع باتجاهات البحر، غالبا ما يكون صاحب القارب أو شخص آخر يوظف لهذا الغرض.. وهي طريقة - يقول الحراڤة - إنها نجحت كثيرا في إيصال الشباب إلى مبتغاهم. أما المعطى الآخر الذي تفطنت له مصالح الدرك، فهو اجتماع بارونات التهجير مع الشباب الحراڤة في مقاهي شعبية بغية عقد الصفقة، حيث كان الحراڤة الذين انتهت مغامرتهم بمأساة ليلة العيد بعد وفاتهم غرقا، قد اجتمعوا في مقهى شعبي بساحة أول نوفمبر (السلام سابقا) في وسط المدينة، وهناك سلموا الأموال ل "منظم الرحلة" واتفقوا على موعدها، قبل أن ينتهي الحلم إلى النتيجة المعروفة. ويعتبر القبض على سبعة حراڤة وإحالتهم على القضاء، مؤشرا إضافيا على ارتفاع حمى الهجرة نحو اسبانيا بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بالساحل الوهراني، حيث تم توقيف أزيد من 81 حراڤا منذ منتصف الأسبوع الفارط، يضافون إلى أزيد من 320 حراڤ تم إنقاذهم بوهران وحدها منذ بداية السنة الجارية، في حين ارتفع عدد الموتى إلى أكثر من 20 شابا، لعل أولئك الذين تم العثور عليهم ليلة العيد كانوا الأكثر تعبيرا عن انفجار هذه الظاهرة المأساوية في وجه المسؤولين. وبناء على ذلك، علمت "الشروق اليومي" أن اجتماعا طارئا سيتم عقده غدا أو بعد غد في وهران، تشرف عليه القيادة الوطنية للدرك، ويكون محوره الأساسي هو البحث في طرق وآليات جديدة للتعامل مع هذه الظاهرة، حيث سيكون الاجتماع مدعما باقتراحات إضافية للدرك هدفها تجاوز الثغرات القانونية الحاصلة في معالجة ملف الحراڤة بعد إحالتهم على القضاء، إذ كثيرا ما يتم الإفراج عنهم بشكل طبيعي، مما يشجعهم على إعادة الكرة من جديد. وقالت ذات المصادر المطلعة للشروق، إنه تم طلب معلومات عاجلة من جميع كتائب الدرك في وهران، والمعنية بمحاربة الظاهرة، حول هؤلاء الحراڤة الذين سيكون لزاما عليهم ملء استمارات تتعلق بطبيعة الظروف الاجتماعية التي دفعتهم لخوض مثل هذه المغامرات، القاتلة أحيانا، كما تم تشديد الرقابة في بعض الحواجز الأمنية عند مداخل المدينة، خصوصا بعدما تمكنت مصالح الدرك مؤخرا من القبض على شباب من وهران، متوجهين نحو سواحل عين تموشنت، وفي أمتعتهم تم العثور على ملابس إضافية، أهمها معاطف واقية من الغرق ومؤونة كافية لمدة طويلة.. إذ تعتزم مصالح الدرك بالتنسيق مع أسلاك أخرى للأمن، اعتماد مبدأ "الوقاية خير من العلاج" من أجل توقيف هؤلاء الحراڤة قبل إبحارهم. قادة بن عمار