كانت الساعة تشير إلى الثامنة بتوقيت جنوب إفريقيا بمطار كاب تاون الدولي أول أمس، حيث كان الهدوء والسكينة يخيم على الأجواء، وكنا نستعد للعودة من جديد إلى بريتوريا مرورا بالعاصمة جوهانسبورغ حين نبهتنا هرولة مجموعة من الأنصار الجزائريين إلى الطابق العلوي من المطار، وكأن شيئا ما يحدث هناك. قادنا فضولنا كصحفيين إلى التحقق من الأمر، فتفاجأنا بتواجد اللاعب الدولي الفرنسي نيكولا أنيلكا يستعد لأخذ الطائرة متوجها إلى العاصمة البريطانية لندن محاطا بمجموعة من الجزائريين الذين أبوا إلا أن يأخذوا صورا تذكارية معه. اللاعب الذي طرد من منتخب الديكة بعد اشتباك مع المدرب الفرنسي ريمون دومينيك بين شوطي مباراة المكسيك التي انهزم فيها الفرنسيون بهدفين دون رد، كان محاطا بوكيل أعماله وأحد المصورين الخاصين به، وكان من الصعب جدا الاقتراب منه أو الحديث معه حول قضية طرده من المنتخب. واكتفى اللاعب بالرد على أسئلتنا بالابتسامة تارة، وبعض الكلمات عن أسئلة أخرى، غير أن الأمر الذي وقفنا عليه أن اللاعب يكنّ حبا كبيرا للجزائريين والشعب الجزائري من خلال بعض الكلمات التي رددها لنا ونحن نتحدث معه في وسط زحمة أنصار الخضر الذين تعرفوا عليه في بهو المطار، رغم تنكره لاجتناب لفت الأنظار والأنصار الذين كان يعج بهم مطار كاب تاون، فقد كان أنيلكا متخفيا بقبعة سترته إلى جانب النظارات التي لا تسمح بالتعرف عليه لمن هو بعيد عن ميادين كرة القدم، غير أن عشق الجزائريين للعبة ودرايتهم الكبيرة باللاعبين الكبار جعلهم ''ينقضون'' على اللاعب الذي وقف موقف الحائر، خاصة وأن لا أحد في المطار تعرف عليه، حيث صرح لبعض الأنصار الجزائريين '' لا أفهم كيف تعرفتم علي في المطار''، غير أنه عندما علم أن الأمر يتعلق بجزائريين التفت إليهم ورحب بهم وسمح لهم بأخذ صور تذكارية معه كما عبر لهم عن حبه للجزائريين، لا سيما وأن اللاعب ترعرع في أحد الأحياء الفرنسية الشعبية مع جزائريين، وانتهت حكاية أنيلكا معنا في مطار كاب تاون بركوبه الطائرة متوجها إلى لندن التي وصلها أمس. اللاعب كان رفقة وكيل أعماله وأحد المصورين وكان نجم شيلسي الإنجليزي محاصرا بوكيل أعماله الذي كان يملي عليه ما يقوم به في المطار وكيفية التنقل لعدم جلب الأنظار، كما أنه لم يسمح للاعب بالإدلاء بأي تصريح من شأنه أن يعقد الأمور أكثر، لا سيما بعد طرده من طرف دومينيك. كما كان أحد المصورين الخاصين باللاعب معه، وهو يعد روبورتاجا خاصا به بعد نهائيات كأس العالم. وكشف لنا وكيل أعمال اللاعب أنه فضل القدوم إلى مطار كاب تاون في ساعة متأخرة قبل ركوب الطائرة لتفادي المصورين الباحثين عن الفضائح الذين يعرفون ب ''البابارازي'' الذين يرصدونه منذ إبعاده من المنتخب الفرنسي. كان متخفيا بقبعة سترته ونظارة تصعب التعرف عليه والملفت للانتباه أن نجم المنتخب الفرنسي نيكولا أنيلكا كان متخفيا بقبعة سترته التي وضعها على رأسه إلى جانب نظارات شمسية تحجب عينيه، وكان تنكره يصعب جدا التعرف عليه لولا تواجد أنصار المنتخب الوطني الذين تفطنوا للأمر وسارعوا نحو اللاعب من أجل أخذ الصور التذكارية والدردشة معه في بعض الأمور المتعلقة بالدرجة الأولى بطرده من المنتخب الفرنسي بعد مباراة المكسيك التي أزّمت وضعية المنتخب الفرنسي في المرور إلى الدور الثاني في كأس العالم. أنصار المنتخب الوطني يعبرون عن تعاطفهم مع اللاعب وأكد جميع أنصار المنتخب الوطني الذين لمحوا اللاعب عن تعاطفهم معه في أزمته مع دومينيك، معبرين له عن حبهم الكبير له، والوقوف إلى جانبه في هذه الظروف الصعبة، وهو الأمر الذي استحسنه كثيرا اللاعب الذي رد عليهم بكلمات الشكر والحب لكل ما هو جزائري، لا سيما وأن اللاعب يعرف جيدا طينة الجزائريين وهو الذي قضى سن الطفولة مع الجزائريين في أحياء فرنسا الشعبية. الشقيقان ميرة، مقراني وبوزيد أول من تعرف عليه في المطار وكانت مجموعة الأنصار القليلة التي تعرفت على أنيلكا في المطار متكونة من أربعة مناصرين هم الشقيقان ميرة، إضافة إلى مقراني وبوزيد الذين استطاعوا أن يفكوا طلاسم التنكر الذي استخدمه اللاعب للابتعاد عن الأنظار والفضوليين في مطار كاب تاون الدولي. وخلال حديثنا معهم أكدوا لنا أن اكتشاف أمره كان صدفة، وهو مار بمحاذاتهم، ففي الوهلة الأولى تراءى لهم أن الأمر يتعلق بشخص يشبه اللاعب لكن عند مناداته باسمه التفت إليهم، وتبين أن الأمر يتعلق باللاعب نيكولا أنيلكا نجم المنتخب الفرنسي ونادي تشيلسي اللندني. أنيلكا قبل التوقف لأن الأمر يتعلق بجزائريين وواصلت مجموعة الأنصار التي تحدثنا إليها بالقول إن اللاعب في الوهلة الأولى لم يرغب في التوقف لأخذ الصور التذكارية معهم، لكن عندما كشف الأنصار عن جنسياتهم وحملهم للألوان الوطنية، سارع اللاعب لتلبية رغباتهم والحديث إليهم بكلمات، لأن وكيل أعماله كان في كل مرة ينصحه بالإسراع في الدخول إلى قاعة الركاب، سيما وأن موعد إقلاع الطائرة إلى لندن قد حان. أنيلكا: ''أعشق الجزائريين وأتمنى فوزكم أمام أمريكا'' وعند وصولنا إلى الموقف الذي كان يتواجد فيه اللاعب في الطابق العلوي من المطار وجدنا اللاعب يهم بالدخول وهو الذي قدم تذكرة الطائرة، فارتأينا أن نخاطبه من بعيد بالقول إننا صحفيين جزائريين سائلين إياه عن نظرته للمنتخب الوطني فأجاب بابتسامة عريضة '' أعشق الجزائريين وأتمنى لهم التأهل إلى الدور الثاني''، وأضاف: ''أتمنى لكم الفوز أمام المنتخب الأمريكي في المباراة الأخيرة عن المجموعة الثالثة''. شكر أنصار الخضر على وقفتهم معه ورفض الحديث عن دومينيك وعن موقف الأنصار الجزائريين في المطار الذين أبدوا له المساندة والدعم في قضيته مع مدرب المنتخب الفرنسي، أكد اللاعب وهو يأخذ حقائبه أن هذا الموقف يعني له الكثير، ومن شأنه أن يرفع كثيرا من معنوياته، لكنه رفض التعليق على سؤال يتعلق بطرده وعلاقته بدومينيك، حيث كانت إجابته الوحيدة ابتسامة عريضة.. وصل صبيحة أمس إلى لندن وصل أمس نيكولا أنيلكا إلى العاصمة الإنجليزية لندن في حدود الساعة الثامنة قادما من مطار كاب تاون، وفضل اللاعب المكوث في انجلترا لتجنب الصحافة الفرنسية التي تترصده منذ إبعاده عن المنتخب الفرنسي في مباراة المكسيك التي تركت بصماتها على منتخب الديكة الذي يعاني الأمرين في التأهل إلى الدور الثاني، وفقد تقريبا كل أمل، خاصة وأن مصيره ليس بيده.