قليل من يعرف تاريخ رياضة الكاراتي بغرب البلاد والمراحل التي مرت بها في مشوارها منذ الإستقلال والى غاية اليوم، حيث أن العديد من متتبعي الشؤون الرياضية بالجزائر قد يجهلون أن الجهة الغربية من الوطن كانت في وقت سابق رائدة في هذا النوع من المصارعة القتالية، ولا أدل على ذلك النتائج المحققة سالفا سواء من قبل الجمعيات الرياضية أو المصارعين على إنفراد، فمن ذا الذي لا يعرف رموز الكاراتي بوهران والغرب الجزائري الذين جابوا مختلف القاعات بالجزائر حاصدين ألقابا وطنية نذكر من بينهم بلموفق ميمون، طيبي، وطيب قدور وبن تيكور وغيرهم من الذين ذاع صيتهم في هذه الرياضة سواء مع الجمعيات التي كانوا ينتمون إليها أو مع المنتخب الوطني حيث عايشوا فترة إزدهار الكاراتي بوهران والغرب الجزائري والذي دام لأحقاب طويلة نتيجة السياسة الرشيدة المنتهجة من قبل الهيئات المسؤولة في تلك الفترة من السبعينات والثمانينات ولأن دوام الحال من المحال فإن رياضة الكاراتي إجتاحتها عدوى التهميش واللامبالاة لسبب أو لآخر فتحولت الفترة النشطة الى فترات خمول وجمود وركود إمتدت آثاره الى سياسة التكوين التي كانت تعد المنبع الأول للحفاظ على ديمومة الكاراتي بوهران، وأذكر وأنا صغير أن الجيل السابق كان مهووسا بما يفعله النجم السينمائي بروس لي ومن أجل ذلك كان الشباب في تلك الفترة يتسارعون من أجل الإنخراط في الجمعيات الرياضية لتعلم أبجديات هذه الرياضة التي شهدت تألقا كبيرا بالنسبة للنخبة الوطنية في مختلف المحافل الدولية، ولتعرف بعدها تراجعا رهيبا لا سيما في المنطقة الغربية على وجه الخصوص بسبب الإهمال والتهميش كما أسلفنا الذكر، فتعاقب المسيرين على الإتحادية وحالة اللاإستقرار التي كانت تشهدها هذه الهيئة جعلت الرياضة تتأثر بشكل محسوس بالغرب الجزائري، حيث يرجع التقنيين الحاليين بسبب التدهور الذي عرفه الكاراتي بوهران وباقي المدن الغربية الى سياسة الإقصاء للنوادي الغربية المعتمدة من قبل رؤساء الإتحادات لحاجة في نفس يعقوب سواء عمدا أو عن غير قصد إذ حرمت النوادي المنتمية لهذه الجهة من الدعائم المالية واللوجستيكية وتنظيم المنافسات وهي العوامل التي عصفت بالكاراتي في هذه المنطقة وجعلته يتدهور بشكل غير مسبوق فإضمحلت الجمعيات الرياضية ورفضت البقية الإنخراط في الرابطة الوهرانية بفعل معرفتها المسبقة بأنها صفقة فاشلة وكانوا يفضلون في البقاء في رابطات أخرى من التي توفر لهم أسباب النجاح، ولحد الآن فإن رياضة الكاراتي تعاني من التهميش بالباهية حتى أنها جمدت بشكل ملفت للإنتباه حتى أصبحت منسية وإقتصر الأمر على نشاط محتشم لبعض الجمعيات التي كانت تشارك في بعض التظاهرات الجهوية والوطنية دون أن يكون لها صدى ويعد آخر تتويج للجهة الغربية في رياضة الكاراتي على المستوى الخارجي هو ذلك الذي حاز عليه البلعباسي رضا بن قدور بداية التسعينات في البطولة العالمية للكاراتي التي نظمت بالجزائر حيث أهدى بن قدور الميدالية الذهبية للجزائر الوحيدة في تاريخ الجزائر في هذه الرياضة التي هي في أمس الحاجة الى عودتها الى الواجهة مثلما كانت عليه في السابق خاصة وأن كل الظروف مواتية لنجاحها حيث يتطلب فقط من السلطات الرياضية المركزية إعتماد برنامج عملي فعال لا يقصي أي أحد خاصة إذا علمنا أن الجهة الغربية معروفة في هذا النوع من النشاط الذي برزت فيه في غابر السنوات وهي مستعدة لبعث الكاراتي من جديد شريطة أن تحظى بدعم مطلق من قبل الإتحادية مع توفير الإمكانيات المادية والقاعات التي كانت تعد المشكل رقم واحد في تدهورها بشكل كبير حيث أن الكثير من الممارسين إعتزلوا النشاط بعدما ضاقوا ذرعا من عدم وجود قاعات بوهران لإجراء التدريبات عليها ونفس الكلام ينطبق على الجمعيات الرياضية التي فضلت الإندثار.