نحو ثلاثة آلاف أسير في سجن النقب الصحراوي بالقرب من الحدود المصرية يعيشون ظروفاً مأساوية بسبب ارتفاع درجات الجرارة بالتزامن مع شهر الصيام. فالحرارة في النقب تصل لأكثر من 40 درجة مئوية، ما يشكل خطراً على حياة الأسرى القابعين خلف السجون في النقب، حتى أن أجسادهم باتت كالمادة المصهورة بالنار، ولا سبيل للتخفيف عن معاناتهم إلا تبليل ثيابهم بالماء. أسرى محررون تحدثوا عن الحرارة في الأعوام السابقة، وآلية التبريد التي تتمثل ببل ثيابهم بالماء باستمرار وعدم الخروج للفورة، ووضع شاشة مبتلة بالماء أمام المروحة لتلامس الهواء المندفع من المروحة الماء فيبرد ويشعر الأسير ببرودة. المحرر الأديب وليد الهودلي من البيرة يقول:" الأسرى بإمكانيات بسيطة كانوا ينجحون في التقليل من آثار موجة الحر الشديدة، ولكن اليوم فإن إدارة السجون حولت الأقسام من خيام إلى كرفانات، فالهواء محصور في هذه الأقسام وما على الأسرى إلا اللجوء للماء حتى تنخفض حرارة أجسادهم وفي حالة الصيام يكون الوضع أكثر إيلاماً من الأوقات الأخرى". ويقول القيادي المحرر جمال الطويل من مدينة البيرة وقد أمضى في سجن النقب عدة سنوات في الاعتقال الإداري وأُفرج عنه قبل خمسة أشهر:" أتذكر إخواني في سجن النقب الصحراوي في هذه اللحظات فلا شك أن الحر الشديد قد نال منهم، فتفاصيل الأقسام ووضع الكرفانات لا تسمح بدورة الريح ويبقى الهواء محجوزاً، وهنا الطامة الكبرى، وهذا الأمر يشكل معضلة بيئية قاتلة، فإدارة السجن تحرص على التدابير الأمنية وتتغافل عن الشروط البيئية الصحية، فهي تقتلهم بطريقة غير مباسرة، ويكون السجان في ستوديو السجن في حالة تكييف والأسرى كأنهم في مرجل تحت النار، ومهما حاول الأسرى التخفيف من وطأة موجة الحر تبقى معاناتهم شاهدة على احتلال يتفنن في تعذيبهم بصمت على مدار الفصول المناخية، فهم في البرد والحر سواء ".المحرر المحامي مصطفى شتات الذي أمضى أربع سنوات ونصف في سجن النقب وتحرر قبل قرابة العام يقول:" كنا نشاهد جنود الحراسة المتواجدين في الأبراج العسكرية المكيفة يخرجون من صندوق البرج المكيف ويسكبون الماء البارد على أجسامهم، فجهاز التبريد غير كاف للتبريد، فكيف بمن يعيش في كرفانات لا توجد فيها إلا مروحة تحرك الهواء الساخن، كمن يلقي حجراً في مياه راكدة". وأضاف:" أتخيل ما يجري لإخواني الأسرى في ظل ارتفاع درجات الحرارة والتي زادت عن 45 درجة، فهذا أمر خطير عليهم ولولا صبرهم وقوة تحملهم لكانت فاجعة، فهناك المرضى وكبار السن، إلا أن إدارة السجن تقف موقف المتفرج وتحرص على العدد وفحص الأرضيات فقط ".والد الأسيرة أنسام شواهنة من بلدة أماتين شرق قلقيلية يقول :" ابنتي في عامها الاعتقالي الخامس والأخير، أشعر بخطر عليها في سجن الدامون، فهي تعاني من أوجاع في العظام ومع موجة الحر الحالية وظروف سجن الدامون غير الصحية، ينتابني شعور بالخوف الشديد ، فالأسيرات وضعهن خاص ولا يستطعن التخفيف من ثيابهن كما هو الحال عند الأسرى، كما أن طبيعة سجن الدامون المتهالك يشكل خطراً عليهن، والأصل بجمعيات خقوق الإنسان والصليب الأحمر التدخل ومعاينة السجون في هذا الوضع المؤلم.