كنا ندرك منذ البداية أن رحلتنا إلى مونبيليار هذه المدينة الموجودة في شمال فرنسا لن تكون سهلة، ليس لصعوبة لقاء اللاعب الجزائري رياض بودبوز لكن بسبب هذا الإضراب الذي يشل فرنسا هذه الأيام نتيجة قانون رفع سن التقاعد والذي سنّته حكومة الرئيس ساركوزي... ومن بين القطاعات التي ضربها الإضراب قطاع النقل بالسكك الحديدية الذي شل كل فرنسا وجعل السفر من باريس لمختلف المدن الفرنسية الكبرى مهمة عسيرة، لكن في الوقت نفسه قلنا إن هذه المهمة تستحق هذه التضحية بما أن الأمر يتعلق بالنجم الجزائري الصغير والذي أسالت إصابته الأخيرة الكثير من الحبر وكانت فرصة أيضا بالنسبة لنا حتى نضع قرائنا في الصورة حتى يتعرفوا أكثر على جوانب خاصة من حياة هذا اللاعب الموهوب والمطلوب من أقوى الأندية الفرنسية مثل باريس سان جرمان، بوردو وأولمبيك مارسيليا. الجزائر، العائلة والأصدقاء... أمور مقدسة لا ينسى بودبوز من أين جاء، ابن كولمار حافظ دائما على عاداته وبالأخص تربيته التي حصل عليها من والديه اللذان تجدهما دائما قريبين من أبنائهما وقلقين ومنشغلين على مستقبلهم، رياض أيضا لا ينسى رفاقه الذين تربوا معهم وهم بالمقابل عندما يحدثونه يثنون عليه دائما ويصفونه بالهادئ، الطيب والذي لا يدير ظهره أبدا لأصدقائه، الجزائر هي أيضا تشغل حيزا هاما من اهتمام اللاعب كيف لا وهو الذي فضلها على بلد المنشأ فرنسا، والمنتخب الجزائري هو خيار القلب... بهذا كان بودبوز يرد على الصحفيين الفرنسيين المحتارين في أمرهم، وهو من كانت أمامه الأبواب مفتوحة لحمل الألوان الحمراء، البيضاء والزرقاء. مهدي وسليم... شقيقاه وحارساه الأمينان عند عائلة بودبوز الاحترام ليس مجرد كلمة، رياض وهو أصغر إخوته يبقى دائما يستمع لنصائح شقيقيه الأكبر منه وهما سليم ومهدي، خاصة مهدي الذي يتابع كل كبيرة وصغيرة تخص مشوار ومسيرة رياض في عالم كرة القدم، ويتدخل في كل مرة يطلب منه شقيقه ذلك، هو بمثابة الحارس الأمين بالنسبة للاعبينا الدولي. زكريا، طاهر، نبيل وعماد أصدقاء “الحومة” في كولمار كوّن رياض شخصيته، ليس الرياضية فقط، بل الإنسانية أيضا والتي تميزه عن البقية بأنه يحترم الجميع كبارا وصغار، وهو ما جعله شخصا محبوبا من الآخرين ومن بين هؤلاء أصدقاء الحي زكريا، طاهر، نبيل وعماد الذين تقاسموا معه كل ذكريات وطيش الطفولة ولا زالوا يرافقونه إلى حد الآن وهم الذين وافقوا بكل سرور على الحديث إلينا عن رياض بودبوز الإنسان. مارفان رفيقه في سوشو “مارفان مارتين“ لاعب سوشو يشبه كثيرا رياض بودبوز في تصرفاته وردود أفعاله داخل وخارج الميادين، هذه الصفات المشتركة جعلت منهما صديقين مقربين وهو ما يتضح خلال مباريات سوشو حيث يتألقان بشكل لافت، هما كثيرا المزاح ويخلقان دائما أجواء مميزة. لا يحب الخسارة ميزة أخرى اكتشفناها في رياض بودبوز وهي أنه لا يتحمّل الخسارة حتى لو يتعلق الأمر بمباراة في “البلايستيشن“، هو مثل كريم زياني تقريبا لاعب يعشق الانتصارات وحتى إن كان رياضيا ويتقبّل الهزيمة لكنه يمقتها ويفعل دائما المستحيل حتى لا تحدث. ------------------- بودبوز قد يكون أفضل لاعب في سوشو هذه السنة اختير حتى الآن ثلاث مرات كأحسن لاعب في الشهر مع فريقه، رياض بودبوز الذي يلعب إلى جانب عناصر جدية يزخر بها نادي “سوشو” في صورة “مارفان”، تولاسن” و”موريس بيلاي”، قادر على التتويج وسط هؤلاء النجوم بلقب أفضل لاعب “سوشولي” لهذا الموسم بالنظر إلى المستوى الكبير الذي ظهر به حتى الآن، ثم إن حصوله على لقب أفضل لاعب في الشهر خلال ثلاث مناسبات، يجعله يحتل المركز الأول في ناديه حتى الآن، بما أن أبرز اللاعبين الآخرين حصلوا على هذا اللقب مرتين فقط. ------------------- زكريا عسول: “رياض قلبه كبير” زكريا عسول شخص مميز جدا، من أصول مغربية من أقرب أصدقاء رياض ودائما يكون إلى جانبه وهو الذي يصف صاحبه بالإنسان المحترم والمؤدب والمحبوب، وفي حديثنا معه تطرقنا إلى علاقته مع رياض والمباراة المقبلة بين المنتخبين الجزائري والمغربي وقال: “رياض قلبه كبير، لقد بقي نفسه ولم يتغيّر رغم الشهرة التي وصل إليها بعد أن صار دوليا جزائريا وشارك في المونديال الأخير. إنه طيب جدا وودود هذا أمر طبيعي فنحن أصدقاء الصبا. بالنسبة للمباراة المقبلة أنا واثق أن رياض سيعمل ما بوسعه من أجل الفوز بهذه المباراة القوية، لكني أنا واثق أن العلاقة بيننا ستبقى أخوية وهو الحال بين كل الجزائريين والمغاربة هنا في فرنسا، فنحن مثل الإخوة”. -------------- عماد نكيكش: “رياض دومًا يستمع لرفاقه” رغم أنه قليل الكلام إلا أن عماد نكيكش يعد مثالا يُقتدى به في الصداقة، ولا يتوانى للحظة واحدة عن تشجيع وتقديم النصائح لشقيقه رياض مثلما يفضل مناداته، وفي هذا الموضوع حدّثنا عماد قائلا : “رياض أكثر من صديق، إنه العائلة، إنه دوما في الاستماع لرفاق صباه، وأعتقد أن تربية الوالدين والحضور الدائم لأشقائه إلى جانبه، عوامل جعلته يفتخر بأصوله الجزائر ووطنيته، رياض لم يتغيّر، رغم أنه هنا في سوشو يعتبر نجما من النجوم، ومع ذلك فاللاعب لم يغترّ، ولا زال محافظًا على تواضعه، لقد أسعدنا كثيرًا بحمله ألوان البلد الأصل.. الجزائر، وأتمنى له أن يحقق معها مشوارًا كرويا ناجحا“. --------------------- سليم بودبوز: “ضدّ فرنسا اللقاء سيكون خاصا” لرياض شقيق سيكون معنيا ببطولة البحر الأبيض المتوسط لكرة القدم التي تلعب في “القاعات” (فوتسال)، الأمر يتعلّق ب“سليم” الذي عبّر لنا عن افتخاره بتقمص ألوان الوطن في هذه الدورة. بلغنا أنّك استدعيت للمنتخب من أجل المشاركة في ألعاب البحر المتوسط “فوتسال”، هل تؤكد الخبر ؟ على كل حال، أحد المقربين طلب مني أنا وشقيقي مهدي أن ندعّم المنتخب الوطني الجزائري، وأنا أتشرّف كثيرا لأني سأدافع عن ألوان بلدي. الجزائر تتواجد في مجموعة فرنسا، أكيد أنه لقاء خاص بالنسبة لك ؟ نعم، هذا واضح، هو لقاء خاص للغاية ذلك الذي ينتظرنا، ورغم أننا قد نعاني من مشكل الانسجام بين الخطوط، إلا أننا سنعمل المستحيل كي ندافع عن ألوان الجزائر. لنمر إلى أمر آخر، كيف يتصرّف شقيقك الصغير رياض منذ أن لعب “المونديال” ؟ لم يتغيّر كثيرا، رياض شقيقنا الصغير، وهو يعلم أن مشوارا طويلا لا زال في انتظاره، إن شاء الله بالعمل والجدية سيتطور كثيرا، صحيح أن مشاركة أي لاعب في محفل كروي عالمي كالمونديال تغيّر من طباع أي لاعب بعض الشيء، لكن ثق أننا نعيش جميعا في منزل واحد، ولم نشعر بأي تغيير في طباع رياض. لاحظنا أنكم تنقلتم بقوة إلى التدريبات من أجل تشجيعه، هل يحدث هذا كل أسبوع ؟ نعم، هو أمر عادٍ، جميعنا يسانده ويشجّعه، وفي أوقات كهذه عليه أن يشعر بأنه مسنود ومحاط بأشقائه، وأصدقائه أيضا. وهل من كلمة حول ما يقدمه مع “سوشو” ؟ تطوّره منطقي، وأتمنى أن يتواصل ذلك معه، هو يعلم ما ينتظره من أجل النجاح والتألق، ويعلم أيضا أن عائلته محيطة به، حتى يحقق نجاحات أكبر مع فريقه أو مع الجزائر. ------------------- “توركواز” مطعمه المفضّل عند مطعم صديقه التركي قوكان والموجود في وسط مدينة سوشو يفضّل رياض تناول الوجبات السريعة وهو المطعم التي يتردد عليه رفاقه مارفين مارتين وجيوفري تولسان وبقية الأصدقاء، وصرح رياض في هذا الشأن: “إنه مكان هادئ لا يعج بالناس وهو ما يمنحني الراحة ويجعلني تقريبا أشعر وكأني في المنزل”. لاعب جيد في كرة الطاولة رياض بودبوز رياضي بأتم معنى الكلمة، فهو لا يتميز فقط في كرة القدم بل في رياضات أخرى في مقدمتها كرة الطاولة التي يظهر فيها بارعا للغاية ولا يقدر أحد على هزيمته. وعلى غرار ما يفعله فوق المستطيل الأخضر، رياض لا يتأخر في القيام ببعض الحركات الفنية ليطيح بمنافسيه. في سوشو... هو النجم محبوب الجماهير في الجزائر، رياض بودبوز، هو اللاعب الأكثر شعبية في كل منطقة مونبيليار، وهذا ما تحقق بفضل مهاراته فوق الميدان وسيرته الطيبة خارجه... هذا ما وقفنا عليه خلال جولتنا معه، فأينما يسير ويتنقل تجده محاطا بالمعجبين صغار وشباب، الكل يطلب منه توقيع “أوتوغراف” أو صورة فيما يوزع الأقمصة الخاصة بالنادي مجانا على أصدقائه المقربين . أقمصته مع مارفان الأكثر طلبا بعد رحيل التركي إيردينغ والفرنسي دالما من سوشو، أخذ بودبوز وصديقه مارفان مكانتيهما في قلوب الأنصار وصار قميص اللاعبين الأكثر طلبا من طرف هؤلاء، وفي محلات النادي أقمصة بودبوز ومارفان تباع مثل الخبز وبكميات معتبرة. غيّر إقامته قبل شهرين من أجل تفادي ضجيج وسط المدينة وصخبها فضّل بودبوز الإقامة بعيدا في أحد الأحياء الهادئة والتي تضمن للدولي الجزائري الهدوء الذي يبحث عنه حتى يركز أكثر في مسيرته الكروية. -------------------- مهدي بودبوز: “لا أعرف لماذا تهجّموا على شقيقي بتلك الطريقة” أنت أيضا بلغنا أنك استدعيت لتمثيل الجزائر في كرة القدم الخاصة بالقاعات ؟ نعم، هذا صحيح، هذا ما بلغني منذ أيام، أحدهم أعلمنا أننا معنيان أنا وشقيقي بتمثيل ألوان الجزائر خلال الدورة التي ستقام في ليبيا. وهل أنت مستعد لتمثيل الجزائر ؟ نعم، بطبيعة الحال، في حال ما إذا استدعوني بصفة رسمية، سأرد بالإيجاب على ذلك. الجزائر ستلعب في مجموعة فرنسا، ما الذي تمثل لك هذه المباراة ؟ منتخب فرنسا مكوّن من تشكيلة معظم لاعبيها جزائريون، وثق أنه منتخب قوي للغاية، وأعتقد أن الوسيلة الوحيدة للخروج بشرف وتفادي المهزلة، هي تدعيم المنتخب بلاعبين في المستوى، هنا في فرنسا يوجد لاعبون محترفون مثلي ومثل أخي، وهم قادرون على تدعيم تشكيلة الخضر في هذه الدورة. رياض يقدّم مستوى كبيرا هذا الموسم مع سوشو، رغم التراجع الطفيف في الفترة الأخيرة، ما تعليقك ؟ صحيح، لقد بدأ موسمه بصورة جيدة، ولا أخفي عليك أننا كنا نتوقع تألقه هذا، غير أن الإصابة في الفترة الأخيرة جعلت مستواه ينخفض بعض الشيء، وأتمنى أن يستعيد عافيته وصحته في أقرب وقت حتى يعود إلى تألقه من جديد. الكثير من الكلام قيل عن شقيقك، كيف عشتم ذلك كأسرة واحدة في المنزل ؟ من تحدّثوا عنه بأنه لاعب يخلق مشاكل تسبّبوا في ضرر معنوي كبير للعائلة، الجميع يعلم أن ما قيل عنه كذب في كذب، ولا أعرف لحد الآن السبب الرئيسي الذي جعل هذه الأطراف تتهجّم على أخي من دون وجه حق. رياض شارك في المونديال الأخير مع الجزائر، هل تغيّر تعامله مع عائلته وأصدقائه منذ تلك المشاركة ؟ لا، لقد حافظ على هدوءه، أعتقد أنه لم يتغيّر كثيرًا، صحيح أن أي لاعب يشارك في المونديال وسنّه لا تتجاوز 19 سنة قد يغتر بعض الشيء، لكن ثق أن رياض ليس من ذلك النوع، لأنه وبكل بساطة محيط بعائلته من والديه وإخوته الذي يوجهونه إلى الطريق الصحيح في كل مرة.