بقلم: د/عمار خبابة لايعذر بجهل القانون هو نص المادة 74 من الدستور ومعناه لا يقبل الاحتجاج من أي شخص بجهل حكم قاعدة قانونية بغية الإفلات من تطبيقها عليه . فجهل القاعدة القانونية لا يصلح أن يكون عذرا يمنع أو يعفي من سريانها وتطبيقها ، فهي تسري في حق الجميع سيان في ذلك بين من علم بها ومن لم يعلم بها . وقد يقول قائل ان هذا حكم مجحف فليس من العدل معاقبة شخص او تحميله المسؤولية بمقتضى قانون لم يعلم به ، لكن فتح المجال للاعتذار بجهل القانون يجعل تطبيق أحكامه محصورا في المسائل المعلومة عند الناس فحسب ، والإنسان كما هو مدني بطبعه هو أناني بطبعه كذلك ، يسعى الى الاستئثار بأسباب المتعة والترف ولو على حساب الغير ، فاذا سمح له بالادعاء بجهل القانون سادت الفوضى وضاع الأمن وتقوض النظام في المجتمع. هذا وان قبول الاحتجاج بجهل القاعدة القانونية يجعل الزامها مقترنا بتوافر العلم بينما من خصائص القاعدة القانونية الإلزام بمضمونها وعليه فان الإلزام بمضمونها ينطوي على الإلزام بالعلم بهذا المضمون ،ولا يشترط في العلم ان يكون المخاطب ملما بتفاصيل القاعدة فيكفي هنا العلم بإلزامية مضمونها فقط، فالعلم بان القذف او السب والشتم فعل مجرم كاف لثبوت العلم بالقاعدة ولا يتطلب معرفة العقوبة ونوعها ومدتها ان كانت جسدية او قيمتها ان كانت مالية هذا وأن مبدا امتناع الاعتذار بجهل القانون ليس قاصرا على التشريع فقط والمقصود بالتشريع ؛ القانون الصادر عن السلطة التشريعية ، والذي يبدأ سريان مفعوله وتطبيقه بعد نشره في الجريدة الرسمية و مضي يوم كامل من تاريخ وصولها الى مقر الدائرة ، بل ينسحب على كل القواعد القانونية أيا كان مصدرها الرسمي سواء منها الدينية أو العرفية ، فتاجمعت او الجماعة في الأرياف والبوادي تحمل المسؤوليةوتوقع الجزاء عمن قام بفعل معاقب عليه عرفا حتى وان احتج بجهله بالقاعدة العرفية ، مادام يفترض فيه العلم بإلزامية مضمونها كما تقدم وكذلك الحال في القاعدة الشرعية اذا كانت محلا للتطبيق وكانت من المعلوم من الدين بالضرورة . وما دام لكل قاعدة استثناء يجوز الاعتذار بجهل القانون فقط في حال قيام قوة قاهرة بفعل فضيان أو زلزال او جائحة ،كما هو الحال في ايامنا هذهمع جائحة كورونا ، وتتسبب هذه القوة القاهرة في عدموصول الجريدة الرسمية إلى المناطق المتضررة او التي تقرر فيها الحجر .