عرفت العلاقات الجزائريةالأمريكية في السنوات الأخيرة تطورا بل تعززت كثيرا في العديد من الميادين ، و أضحت ''الولاياتالمتحدة الشريك الاقتصادي الأول لبلادنا، كما أن الجزائر أيضا ثان ممون للسوق الأمريكية من الغاز المميع ،من ضمن البلدان العربية و الإفريقية '' ، مما يجعلها تحتل مكانة هامة في خارطة السياسة الخارجية الأمريكية. كما يتقاسم البلدان العديد من الإنشغالات سيما في مجال'' الأمن و مكافحة الإرهاب '' الذي تحول إلى ظاهرة عالمية تؤرق الشعوب، ولكن يختلف البلدان في عدد من القضايا التي تهم الأمة العربية . والتي للجزائر موقف واضح فيها، منها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية ، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة لحدود 67 ، إضافة إلى دعمها لقرارات الشرعية الدولية سيما حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ،... ومواكبة لحدث الانتخابات الأمريكية، الذي يثير اهتمام كل شعوب المعمورة، ويحظى بمتابعة شعبية وإعلامية عربية كبيرة ، على اعتبار انه سيكون لنتائج الانتخابات الأمريكية القادمة ارهاصات وتداعيات مباشرة على الوضع في منطقتنا العربية ، والإسلامية ، وفي انتظار موعد الحسم لمعرفة من سيتزعم أمريكا في الأربع سنوات القادمة ، قامت''الحوار'' باستطلاع آراء بعض الأساتذة الأكاديميين بجامعة الجزائر، وعدد من المحللين السياسيين إلى جانب رجال سياسة ، حول الجديد الذي سيحمله الرئيس الأمريكي القادم سواء كان ماكين أو أوباما ، لمنطقتنا العربية وللجزائر على وجه الخصوص ... - إسماعيل دبش : مقاربة الجزائر للسياسة الخارجية الأمريكية تتوقف على مدى انسجام الولاياتالمتحدة مع توجهات الجزائر الكبرى قال الدكتور إسماعيل دبش المحلل السياسي، والأستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام ، '' انا في الحقيقة لا أفرق بين ماكين وأوباما ، فالولاياتالمتحدة دولة حديثة لها مؤسسات تؤسس للسياسة الخارجية ، بغض النظر عن الشخص الذي سيكون على رأسها'' . و أوضح ''ان سياسة أمريكا ستستمر في البحث عن تجسيد مصالحها في المنطقة ، من بينها المصالح الاقتصادية ، وتفعيل مؤسسات لحمايتها، وستأتي في مقدمتها الافريكوم ، والتي تدعو لنقلها من ألمانيا إلى إفريقيا ''، وأضاف محدثنا في لقاء مع ''الحوار '' : '' يبدو ان أمريكا تفضل الجزائر ، لكن يبدو في المقابل بان بلادنا لن توافق على وجود الافريكوم على أراضيها'' ، وتابع ''في حين هناك بعض الدول التي سوف تستقبل هذا المشروع الأمريكي'' ، و رأى الدكتور إسماعيل دبش ،'' ان سياسة الجزائر اتجاه أمريكا تتوقف على مدى انسجام واشنطن مع توجهات الجزائر في السياسة الخارجية ، ويأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية ، ومكانة الجزائر في المنظمة العالمية للتجارة ، إضافة إلى علاقات الجزائر الإقليمية وخاصة قضية الصحراء الغربية ، وعليه فمقاربة الجزائر للسياسة الخارجية الأمريكية تتوقف على مدى انسجام الولاياتالمتحدة مع توجهات الجزائر الكبرى'' . - عبد القادر محمودي : على الجزائر أن تستفيد من التنافس الأمريكي- الفرنسي في المنطقة على غرار الدكتور إسماعيل دبش ، أعرب عبد القادر محمودي ، أستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام جامعة الجزائر ، انه لا يرى أي فرق كبير وواضح بين سياسة ماكين وأوباما نحو الجزائر، ولكنه أضاف أن هناك بعض الجزئيات التي يختلف فيها المرشحان ، وقال محمودي في اعتقادي ليس المهم ما سيكون موقف هذا أو ذاك من الجزائر ، بل الأهم ، ما ستفعله الجزائر فيما يخص التأثير على الجزئيات ، وفي هذه النقطة ستتحول القضية من رد الفعل إلى تحديد الفعل ، وأشار محدثنا في هذا الخصوص أن يجب معرفة أن السياسة الأمريكية اتجاه الجزائر مربوطة الى حد ما بالسياسة الفرنسية اتجاه الجزائر ، والشيء الجديد في هذا الشأن هو علاقة ساركوزي بالولاياتالمتحدة ، التي من شأنها أن تقلص هامش التحرك الأمريكي نحو الجزائر ، وهنا تساءل الأستاذ محمودي إلى أي حد يمكن للجزائر ان تستفيد من التنافس الأمريكي الفرنسي في المنطقة ، والى أي حد تستطيع بلادنا ان تضغط على أمريكا حتى يكون هامش التحرك الأمريكي بالنسبة لفرنسا واسعا وأضاف ''هنا تبرز مهارة سياسينا '' ، وخلص الأستاذ عبد القادر محمودي فالسياسة سيرورة يومية يجب متابعتها . - بن يوسف نبيلة : كارزمية أوباما قادرة على تحريك الأوضاع المتجمدة في الشرق الأوسط صرحت بن يوسف نبيلة، الأستاذة المحاضرة بجامعة مولود معمري في تيزي وزو، ان السياسة الداخلية أخذت حصة الأسد في برنامج المرشحين لمنصب رئيس الولاياتالمتحدة ، من خلال الاهتمام بالأمن الداخلي ، خاصة وان أمريكا تعاني من مجموعة مشاكل اجتماعية ، واقتصادية ، إلا انه لم يتم إهمال بعض القضايا التي تشكل ثوابت في سياسة أمريكا الخارجية ، و بخصوص برنامج المرشحين لمنطقة الشرق الأوسط ، توقعت الأستاذة انه لن يحل أي تغيير في حال وصول المرشح الجمهوري جون ماكين إلى منصب الرئيس، بل سيستمر في إتباع سياسة بوش الحالية ، في حين اعتبرت ان المرشح اوباما ومن خلال ذكائه واستراتيجيته، وكارزميته ، قادر ان يتعامل مثلا مع طرفي النزاع في القضية الفلسطينية بدهاء سياسي حتى لا يخسر الاثنين، ويساهم في تحريك المفاوضات بينهما وتابعت الأستاذة بن يوسف ، ان اوباما سيحاول ان يكون منصفا ، ولكن هذا الإنصاف سيكون نسبيا ، نظرا لتأثير الجماعات اليهودية في السياسة الأمريكية ، وتغلغله في كافة نواحي الحياة الأمريكية . وبخصوص العلاقات الجزائريةالأمريكية ، قالت نبيلة بن يوسف ،'' إنها علاقة قوية خاصة في شطرها الاقتصادي ، فالنفط المحدد الرئيس في علاقة الجزائر بأمريكا، وفي هذا السياق توقعت ان تواصل أمريكا في نفس السيرورة اتجاه الجزائر. - سليم قلالة : السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه الوطن العربي لن تتغير مع ماكين أو اوباما لم يتوقع المحلل السياسي والأستاذ بجامعة الجزائر الدكتور سليم قلالة ، أي تغيير في السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية ، نظرا لجملة من المعطيات ، التي استدل بها رئيس مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف ، بمؤشر الزيادة المتعاظمة من سنة إلى أخرى في ميزانية الدفاع والخاصة بالنفقات العسكرية منذ 20 سنة . وأكد الدكتور سليم قلالة في لقاء مع ''الحوار'' ان طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية لم ولن تتغير بتغير صناع القرار الجديد في البيت الأبيض ، وجاء هذا الرد على اثر سؤال متعلق بالجديد الذي سيحمله الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية بالنسبة للوطن العربي . وقال المتحدث انه لا يتوقع أي تغيير جوهري في السياسة الدولية لواشنطن، سواء كان الفائز جمهوريا أو ديموقراطيا، واسند الدكتور سليم قلالة نظرته المستقبلية بالخصوص لتصريحات المرشح باراك أوباما، والتي دعا فيها الى يهودية الدولة الفلسطينية ، وعاصمتها القدسالمحتلة كعاصمة موحدة للدولة العبرية، وهي المواقف التي اختار المرشح الإدلاء يها على منبر أكبر جمعية يهودية مكونة للوبي الصهيوني في داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية . وفي مقابل نفس الخطى المتبعة من طرف مرشح الحزب الجمهوري ، جون ماكين ، الذي أعلن صراحة عن رغبته في حال فوزه بمقعد الرئاسة من البقاء ل100 عام في بلاد الرافدين . - صالح قوجيل : الافلان ينتظر عدم انحياز أمريكي في قضايا الشرق الأوسط أبدى عضو أمانة الهيئة التنفيذية والمكلف بالعلاقات الخارجية في حزب جبهة التحرير الوطني في لقاء مع ''الحوار'' ، انه يجب انتظار بروز البرنامج الحقيقي لكلا المرشحين الجمهوري والديموقراطي للسباق نحو البيت الأبيض الأمريكي. وأشار المتحدث ان أغلب المحاور التي جرى الاعتماد عليها في الحملة الانتخابية التي انتهت قبل أسبوع من الآن، انصبت حول السياسة الداخلية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وهذا ما يهم المواطن الأمريكي بالدرجة الأولى . وعن علاقات السياسية والاقتصادية بين الولاياتالمتحدةوالجزائر، أعرب المتحدث أنها علاقات جيدة من ناحية التبادلات الاقتصادية فالاستثمارات الأمريكية قاربت ال20 مليار دولار، وبخصوص بعض المسائل العالقة، أوضح ممثل الافلان انه يتمنى ان يحصل تغيير في الموقف الأمريكي ، في إشارة منه للانحياز الأمريكي لإسرائيل في القضية الفلسطينية ، واحتلال الجولان ومزارع شبعا اللبنانية . - عبد الرزاق مقري: الجزائر هي من تحدد لنفسها المكانة في علاقتها مع أمريكا اعتبر عبد الرزاق مقري نائب رئيس حركة مجتمع السلم -حمس- ، ان المرشح الديوقراطي ، باراك اوباما أكثر اعتدالا من غيره، أما ماكين فمعروف انه من المحافظين الجدد ، وموقفه واضح من الجزائر كما هو موقفه من الوطن العربي ، ولكن النظام الرئاسي في الولاياتالمتحدة محكوم بمؤسسات تصنع السياسة الخارجية، ولا يمكن في هذا السياق إغفال دور اللوبي الصهيوني الذي له تأثير كبير في توجيهها، ومهما تغير الشخص الذي يرأس أمريكا فلن يكون تغير في الجوهر. وعليه فسياسة أمريكا الخارجية نحو الجزائر، تحددها بالدرجة الأولى هي بنفسها ، أي تأخذ المكانة التي تضع فيها نفسها ،وهي من يصنع مركزها ومكانتها وسمعتها ، وليس أي أحد آخر. - عبد الرحمان سعيدي: الموقف الأمريكي من القضية الصحراوية بقي يترنح بين مصالحها في المنطقة وقرارات الشرعية الدولية قال عبد الرحمان سعيدي، رئيس المجلس الشوري بحمس ، السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها إستراتجية وهي الحفاظ على مصالحها وعلى رأسها حماية مصالح إسرائيل ، وأضاف ان هذه النقطة بالذات هي محل خلاف مع الوطن العربي، وبالتالي فسياسة أمريكا الخارجية لن تخرج على هذا السياق ، فإسرائيل لما تمثل من عمق امني للولايات المتحدة تجاوزت المعنى التقليدي للحليف، وهنا لم يتوقع سعيدي أي تغيير في سياسة اوباما أو ماكين. وبالنسبة لعلاقة الجزائربالولاياتالمتحدة ، صرح عبد الرحمان سعيدي أنها علاقة مميزة ، وقد شكل محور مكافحة الإرهاب نقطة تعاون مهمة بين البلديين ، وتوقع المتحدث في لقاء مع '' الحوار '' ان يتم تعزيز التعاون في هذا المجال ، كما أن قضية النفط تبقى دائما أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية، وستزيد من توثيق العلاقات بين البلدين ، إلا رئيس المجلس الشوري بحمس أشار الى أن أن الموقف الأمريكي من بعض القضايا العادلة ومن بينها قضية الصحراء الغربية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، بقي يترنح بين مصالحها في المنطقة وقرارات الشرعية الدولية ، ومع هذا قال سعيدي أن السياسة الخارجية الأمريكية محكومة بقرار مؤسسات تفوق الأشخاص سواء اوباما أو ماكين .