مازالت الترجمة في العالم العربي تعاني الكثير من الضعف والوهن بسبب نقص الحريات وتغليب المصالح الربحية والتجارية على البعد الثقافي، وأمام هذا الضعف يتهم المثقفون العرب المترجمين الأجانب ودور النشر الاجنبية بترويج صورة نمطية عن العرب في حين لا نجد أي مبادرة من الطرف العربي لنقل أدبهم إلى لغات اخرى. نقص ترجمة الأدب العربي عزز من الأحكام المسبقة المتحيزة ضد العرب في الغرب، هذا الاشكال فتح الباب على مصراعيه للكتاب والمترجمين الجزائريين الذين التقتهم ''الحوار'' للتحدث عن أسباب ركود ترجمة الأدب العربي والحلول المقترحة لإنقاذ هذه الأخيرة بوصفها أساس الحضارة. سعيد بوطاجين: غياب قانون يضبط حقوق المترجم سبب وهن الترجمة يصف الروائي والمترجم سعيد بوطاجين المترجمين الجزائريين بالكسالى بامتياز مقارنة بالغرب، حيث تحتل الترجمة والمترجمون حسبه مكانة مميزة، مشيرا في هذا السياق إلى ان ما تقوم به اسبانيا من ترجمة في اليوم هو ما يعادل نسبة الترجمة التي تقوم بها الجزائر في السنة. ويحصر بوطاجين سبب تراجع الترجمة في بلادنا في اعتمادنا على كل ما هو قديم على اساس أن الجيل الجديد لم يقدم شيئا للترجمة رغم انه يعود ويؤكد أن المسؤولية لا تقع على عاتق المترجم فحسب وإنما المسؤولية مشتركة بين المسؤولين من السلطات ودور النشر بالنظر إلى عدم توفير هذه الأخيرة الظروف المناسبة التي تشجع المترجم على عمله، ناهيك عن غياب قانون يضبط حقوق المترجم. وفي سياق مماثل دعا صاحب ''اللعنة عليكم جميعا'' الدولة إلى انشاء مؤسسات رسمية خاصة بالترجمة حتى تحمي المترجم والمبدع مما أسماه بسطو اللصوص ومن دور النشر التي تتسبب عادة في هضم حقوق المترجم. وقال بوطاجين إن سبب تفوق الترجمة في الدول الغربية وحتى بعض الدول العربية على رأسها تونس، هو وجود مؤسسات وهيئات رسمية ذات استراتيجية واضحة تعنى بالترجمة وتساهم في نقل العربية إلى لغات اخرى كالفرنسية، الايطالية، الانجليزية أو غير ذلك. وأوضح المتحدث ان التفاتة تونس إلى انشاء مثل هذه الهيئات راجع إلى تفطنها وإدراكها خطورة وضع الترجمة في بلدها وأن هذه الهيئات الجديدة هي السبيل الوحيد لإنقاذ الترجمة من هذا الوضع سيما ما تعلق بلغتنا العربية ''لأن تونس أدركت مدى خطورة ترك اللغة العربية وترك النصوص العربية المحلية التي اصبحت في الكثير من البلدان العربية لا تتجاوز حدود الاقليم. ويضيف ''أعتقد ان بلدا مثل تونس ستكون له قيمة كبيرة في السنوات القليلة القادمة''. ويرى بوطاجين ان الحل في إنقاذ الترجمة في الجزائر يكمن في احترام العقل وأن نؤمن بأن العقل هو الأساس وان البلد الذي لا يهتم بالعقل لا يمكن أن تقوم له قائمة على الإطلاق، مؤكدا ان حضارة أي بلد لا تقوم لا على الأموال ولا على التجارة وإنما على العقل وبغياب هذا الاخير ''علينا أن ننتظر الفتنة او الخرابس. واسيني لعرج: تفوق إسرائيل في الترجمة راجع لاهتمامها باللغة العربية يرى الروائي واسيني لعرج ان تدهور الترجمة الأدبية في البلدان العربية راجع بالأساس إلى اسناد ترجمة النصوص الادبية إلى غير مترجميها الحقيقيين، بمعنى ان النص الإبداعي الجزائري لا يمكن ان يترجمه غير جزائري على اعتبار ان اللهجة المحلية التي تقحم في غالب الأحيان في هذه النصوص تفرض على مترجمها ان يكون من هذا البلد حتى يستطيع ان يوازن بين العامي والفصيح وأن يفهم النص ويترجمه ترجمة صحيحة. فيما يعتبر صاحب رواية ''الأمير'' ضعف المبادرة في نقل الادب العربي إلى اللغات الأخرى إلى جهلنا للترجمة، مبررا قوله بمثال عن الكاتب العالمي الكبير هيتنغتون صاحب كتاب ''صدام الحضارات'' والذي ترجمت أعماله إلى العربية (ترجمة لبنانية وغيرها) ومع ذلك مازالت كتاباته مجهولة لدى الكثير من العرب عامة والجزائريين خاصة. ويتساءل واسيني عن سبب تخلف المترجمين الجزائريين عن ترجمة النصوص الادبية العالمية الكبرى إلى اللغة العربية حتى يتسنى لنا التعرف على هؤلاء الكتاب كيف يفكرون ماذا يقولون وماذا يتصورون؟ ويؤكد لعرج ان المؤسسات الاسرائيلية الخاصة بالترجمة هي من أعظم المؤسسات العالمية وأن وصولها إلى هذه المرتبة راجع لاهتمامها بترجمة الادب العربي وكذا الثقافة والفكر العربي القديم منه والحديث... لأنهم بصراحة يريدون أن يعرفوا مجتمعنا وبالمقابل ماذا نعرف نحن عن الاسرائليين مثلا او غيرهم. ويعود صاحب ''سيدة المقام'' ليحمل مسؤولية تخلف الترجمة في الجزائر كما في البلدان العربية الأخرى إلى المسؤولين، قائلا إن الترجمة في الوطن العربي ماتزال ترجمة هواية ولا توجد سياسة منظمة ولا استراتيجية مهيكلة يمكن أن تقوم على أساسها الترجمة في هذه البلدان لا أن تكون ترجمة سوق كما هي عليه الآن''. منال خضر: العرب يشعرون أنهم أقل تقدما وثقافة من الغرب ترجع الأكاديمية المصرية منال خضر سبب نقص ترجمة الادب العربي إلى لغات اخرى إلى التصور الذي لازم مخيلة المترجمين العرب والخاص بكونهم يشعرون أنهم أقل تقدما وثقافة من الغرب، رغم ان الواقع يظهر عكس ذلك تماما. تقول خضر على اعتبار أن تقدم الغرب على العرب يكمن حسبها في مجالات الذرة، الكيمياء، والعلوم لا غير في حين أن مجال الأدب والترجمة نجد العرب أكثر تفوقا على الغرب، مشيرة في هذا الإطار إلى إنجاب الساحة العربية أسماء أدبية ثقيلة من أمثال كاتب ياسين ومحمد ديب ونجيب محفوظ، غير أن مشكل الترجمة في البلدان العربية - تقول خضر - يتمثل في غياب التشجيع وجعلها بعيدة عن أولوياتنا.