الجرحى يموتون على الطرقات و سيارات الإسعاف قد لا تصل وإن وصلت فهي تقصف، وإن وصل الجرحى للمستشفى الوحيد العامل في غزة مستشفى الشفاء فإن الفوضى داخله تعكس الحالة المزرية وغير القادرة على استيعاب الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى فثلاجات الموتى ممتلئة، والأرقام خير دليل ، أكثر من ألف شهيد وأزيد من 4 آلاف جريج ، المعاناة في كل مكان ومظاهر الدم و الدمار، هي المشهد الوحيد القادم من غزة هذه الأيام، ومع هذا لا يبدو أن أكثر من أسبوعين من القتل والتدمير البربري الإسرائيلي على غزة كان كافيا ، لإقناع كل الدول العرب بالاجتماع على طاولة واحدة ، لبحث العدوان على القطاع الذي لايزال صامدا أمام الهجمة الشرسة التي يشنها الكيان الصهيوني ، بمباركة دول كبرى ، وتواطؤ فاضح من بعض الأانظمة العربية... مشروع القمة المتأخرة وسقوط آخر ورقة توت لدول ''الاعتدال" ورغم إصرار إسرائيل وأمريكا ومن يحالفهم على إتمام عملية الهجوم على غزة الى ان يتم تحقيق الأهداف المرجوة وعلى رأسها اجتثاث المقاومة، وعليه فهم يتعجلون التكثيف والحسم السريع لإنهاء المعركة، لأن الإطالة الإسرائيلية في أمد العدوان الاجتثاثي على غزة يشكل فضيحة قد تعود بنتائج عكسية فيها إحراج لجميع بما فيها الكيان الصهيوني والقوى المتواطئة معه . من الواضح أن مواقف عدد من الدول العربية، التي توصف ''بدول الاعتدال في المنطقة'' كانت منذ بدء العدوان ضد عقد قمة عربية تساهم بالضغط باتجاه وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، ومن الواضح أيضا أن هناك تنسيقا مع الموقف الأمريكي لجعل الأمر متروكا لمجلس الأمن، أي أن إسرائيل ومن ورائها واشنطن ومعهم دول الاعتدال، يجب أن لا يسمحوا للمحور المعاكس وبالخصوص حركات المقاومة في فلسطين ومن يناصرها، من استثمار مناخ ومضاعفات العدوان الإسرائيلي ويجعلوه سببا لزيادة نفوذهم وممانعتهم وزيادة شعبيتهم عند كل الشعوب العربية، وعليه بقي الموقف الرسمي لعدد من الدول العربية مفككا وباهتا، بل وفي حقيقته غير المعلنة متواطئا ...وحتى معبر رفح، منفذ أهل غزة الوحيد الى الحياة، لم يتم فتحه رغم اقتراح حماس وضعه تحت رعاية مصرية أوروبية مع ممثلين عن السلطة الفلسطينية وحماس، بل لم يتم الرد على الاقتراح لحد الآن والأوضاع الإنسانية في القطاع أصبحت في وضع كارثي ...وكانت الجزائر قد انتقدت ما أسمته تخاذل بعض الأنظمة العربية، وأعاب عليها عدم قدرتها على اتخاذ موقف ثابت حيال الاعتداءات الإسرائيلية على سكان غزة إزاء هذا الوضع يصبح من السخافة المطالبة بالسير على نهج شافيز و المطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل ناهيك عن مطالبة واشنطن بتغيير البعض القليل من مواقفها المتحيزة بشكل فاضح وواضح مع الكيان الصهيوني ومساواته الجلاد بالضحية ..يشار إلى ان دول الاعتدال حاولت إنقاذ موقفها من خلال طرقها أبواب واشنطن بدل الاجتماع مع كل العرب على طاولة واحدة لانتزاع موقف في مجلس الأمن يوقف العدوان، وتم في هذا الإطار تقديم مبادرة عربية لم تحسم الموقف مع حركة المقاومة التي تدافع عن الشعب الأعزل ، بل ساوت بين الجلاد والضحية وكان من المفروض ان تنتصر للعروبة...إن مناقشات مجلس الأمن الدولي والغياب عن القمة العربية الطارئة في الدوحة أثبتت مرة أخرى حالة التبعية وعجز بعض الأنظمة العربية ...