قال برنار كوشنير، وزير خارجية فرنسا في عهدة الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، إن بلاده ليس لها الجرأة للاعتراف بجرائمها في الجزائر أثناء الحقبة الاستعمارية (1830-1962)، مؤكدا على أن "فرنسا ارتكبت جرائم مروعة"، وأن عليها "الاعتراف بذلك". وأوضح كوشنير، في مقابلة مع صحيفة "القدس العربي" اللندنية نشرت أمس، بأن "فرنسا ارتكبت جرائم مروعة في الجزائر وعليها الاعتراف بذلك، لأن هناك وقائع وأحداثا لا يمكن إنكارها"، معتبرا ما صرح به المرشح للرئاسة الفرنسية، إيمانويل ماكرون، حول الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر بأنه "لم يكن موفقا في التعبير الذي استخدمه ولم يكن زلة لسان". وقدّر كوشنير أن ماكرون كان يتكلم "بحماسة مفرطة في محاولة منه لاستمالة الناخبين الفرنسيين من أصول جزائرية"، مضيفا أنه "لا يمكنه معالجة هذا النوع من الملفات الحساسة وهذا التاريخ المثخن بالجراح والآلام عبر تصريحات غير محسوبة العواقب"، وإن أشار إلى أنه سيصوّت لصالح ماكرون في انتخابات الرئاسة في ماي القادم، لأنه "من الجيل الجديد من السياسيين الشباب، ومنفتح وغير محسوب لا على اليسار ولا على اليمين". من جانب آخر، وحول سياسة الكيل بمكيالين في هذا المجال، عندما سنّت قانونا تعترف بما سمته إبادة الأرمن من طرف القوات التركية، متجاهلة الشيء نفسه مع الجزائر، أكد كوشنير أن "فرنسا ليس لها الجرأة للاعتراف بكل ما اقترفته من جرائم أثناء الحقبة الاستعمارية، لأن الحكومات المتعاقبة لم تكن لها الشجاعة الكافية لفعل ذلك، ولو فعلت، فأكيد أن هذا الأمر سيعمل على تحسين العلاقات بين البلدين". وفي نفس السياق، يرى كوشنير، الذي ينتمي للتيار الاشتراكي في فرنسا، أن الاعتراف سيكون له أثر إيجابي لدى أبناء الجيل الثالث والرابع من الفرنسيين من أصول جزائرية، و"بأن فرنسا تحترم بلد آبائهم وأجدادهم". وفي محاولة منه لتقاسم المسؤولية مع الجزائر، وجه كوشنير اللوم إلى "النظام الجزائري" لأنه "لم يعمل يوما على طي هذا الملف من أجل بدء علاقات جديدة مبنية على الاحترام المتبادل". ويشار إلى أنه بسبب تصريحاته التي جرّم فيها الاستعمار الفرنسي للجزائر، وجد إيمانويل ماكرون نفسه هدفا لهجوم كبير من عدة مسؤولين فرنسيين، وصلت حد اتهامه بالإساءة لبلاده. وجاء في تلك التصريحات "الاستعمار يشكل جزءا من التاريخ الفرنسي، إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية، لقد كان بربرية حقيقية"، مردفا أنه يجب على الفرنسيين تقديم اعتذار لمن تضرروا من هذا الاستعمار. واتفق الساسة الفرنسيون على وصف ما قاله ماكرون ب"غير المقبول"، وب"الشتيمة في حق فرنسا"، و"مقتا للتاريخ الفرنسي".