ترسم المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالعجز في الميزانية وارتفاع مستويات المديونية الخارجية، مستقبلا "مظلما" للاقتصاد الوطني، في ظل عدم تعافي الوضعية الاقتصادية وتأثرها بجملة من التداعيات فرضتها طريقة تعامل الحكومة مع واقع الأزمة وإسقاطات الصدمة الخارجية لأسعار النفط على صعيد البورصة الدولية. ويؤكد الخبير في الشؤون الاقتصادية فرحات آيت علي، في هذا السياق، على المؤشرات "السوداء" التي تنبئ بمستقبل غامض للاقتصاد الوطني خلال السنة الجارية والسنوات القليلة المقبلة، والتي وصفها بسنوات "عجاف حقيقية"، وأشار إلى لجوء الحكومة إلى التمويل غير التقليدي وطباعة النقود لتغطية النفقات العمومية، وذكر أنها لن تمرّ بردا وسلاما على الاقتصاد الوطني. وأوضح المتحدث في اتصال مع "الخبر"، بأنّ الاقتصاد الجزائري مهدّد بارتفاع نسب التضخم إلى مستويات عالية جدا، على الرغم من الرسائل التطمينية التي تبعث بها الحكومة على لسان تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى بهذا الخصوص، وقال إنّ الأمر يخضع لمعادلات رياضية واقتصادية وليس لتصريحات السياسية، وبالتالي فإنّ "كل إصدار لأموال جديدة في السوق دون مقابل من المنتجات والخدمات يؤدي إلى ارتفاع نسب التضخم". وذكر فرحات آيت علي، تبعا لذلك، أنّ هذه الوضعية ستؤدي إلى انهيار قيمة العملة الوطنية، وتهاوي بالمقابل من ذلك القدرة الشرائية للمواطنين، والتهاب أسعار المنتجات، وبالتالي فإنّ اعتماد السلطات العمومية على هذا النوع من الحلول لمعالجة الأزمة الاقتصادية سيكون لها إسقاطات وخيمة على الاقتصاد. وفي نفس السياق، أوضح الخبير الاقتصادي أنّ الحكومة توقعت في قانون المالية للسنة الجارية بلوغ 2000 مليار دينار في نهاية العام، على أساس سعر البرميل ب50 دولارا، وبالتالي فإنّ ارتفاع متوسط سعر النفط في حدود 60 دولارا للبرميل من شأنه تخفيض العجز بحوالي 20 في المائة، أي تسجيل حوالي 1600 مليار موازاة مع ارتفاع الجباية البترولية، وهي القيمة التي ينبغي على الحكومة تغطيتها بالإصدار النقدي والتمويل غير التقليدي، بالإضافة إلى 2400 مليار دينار التي أصدرتها في سنة 2017، وبالتالي فإنّ القيمة الإجمالية ستصل إلى 4000 مليار دينار مع نهاية السنة الحالية، يضاف إليها الديون العمومية الداخلية المترتبة على عاتق الحكومة والقرض السندي، وهو الأمر الذي ستضطر السلطات العمومية إلى تغطيته من خلال الإصدار النقدي وشراء سندات الخزينة العمومية. وأشار فرحات آيت علي في نفس الإطار، إلى ظاهرة تآكل الاحتياطات الوطنية من العملة الصعبة التي تؤثر بدورها على قيمة العملة الوطنية، بينما ذهب المتحدث إلى أبعد من ذلك عندما ذكر أنّ وضعية قيمة الدينار الجزائري صعبة بحكم أنه غير قابل للصرف على الصعيد الدولي، لاسيما بالمقارنة مع أهم العملات العالمية، وبالتالي فإنّ المتعاملين الاقتصاديين مضطرين إلى تحويل العملة المحلية إلى عملة صعبة لإجراء المعاملات التجارية، ما يؤثر سلبا في نهاية المطاف على أسعار المنتجات محليا.