لا تزال صناعة حجر المقاط تستقطب اهتمام العديد من شباب منطقة إستيتن الواقعة بولاية البيض، الذين يجعلون من ذات الحرفة نشاطا مهنيا يكسرون به طابور البطالة الذي ينخر يومياتهم. وصناعة حجر المقاط تبدأ بحلقة البحث عن الحجر عبر براري المنطقة وضواحيها الشاسعة من طف فوج من الشباب، ينطلقون في جمع الحجارة بأدوات بسيطة تتقدمها فأس يدوية وحاملة حصى من النوع الصغير، إضافة الى مطرقة من الحجم الصغير والمتوسط لتكسير الحجارة الكبيرة بعين المكان الى عدة قطع صغيرة، حسبما اشار اليه الشاب أحمد. ب الممتهن لهذه الحرفة، وبعد تجميع الحجارة بمكان واحد يجلس فوج الشبان أرضا وكل فرد منهم يضع بين يديه حجارة من النوع المتوسط يبدع بها بمطرقته وسندانه ليرسم عليها أشكالا مختلفة نابعة من خصوصيات البيئة الصحراوية موقعة بحس فني نابع من ذوق راق لدى ناحيتها، ورغم ما تسببه هذه الحرفة من تعب وارهاق بدني نتيجة الجهد العضلي المبذول بورشات النحت الواقعة في الهواء الطلق وسط ساحات صحراوية تفتقد للظلال، إلا أن ذلك سرعان ما يتبدد بمجرد الانتهاء من إنجاز حصة هامة من الأمتار المربعة من حجر المقاط أو المادون التي تسوق بأسعار تنافسية مرتفعة، غالبا ما يجتاز سعر المتر المربع الواحد 1300 دج، تبعا لأشكال النحث وطبيعة الحجرة في مختلف استعمالاتها، حسبما ذكره "عمي قادة" الذي يعتبر عرابا في تعليم هذه الحرفة للشباب الراغب في كسب سرها. ولحجر المقاط حضور قوي في المعالجات الزخرفية الخارجية للمباني ضمن اشكال مثلثية أو دائرية أومعينات رباعية الأضلاع، توضع في الأركان الخارجية للبيت وتأخذ رونقا بديعا، لاسيما بالبنايات التي يستعمل بها الخشب أو الرخام المزركش بمختلف الألوان، وكذا الاحاطة بالنوافذ أو الأبواب وبمنابر المساجد والمآذن، وفقا للهندسة المعمارية الإسلامية القديمة، التي تعتمد الأقواس أو التسقيف الداخلي لبعض الأروقة، حسبما أشار اليه نفس المتحدث. ولا يزال العديد من سكان ولاية البيض يحبذون تزيين مساكنهم بهذه الحجارة، بالنظر إلى صورتها الجمالية وميزاتها المتلائمة والبيئة الصحرواية، ناهيك عن الذوق الفني الذي غالبا ما يستهويهم، كما هو الحال ببلديتي بريزينة وبوسمغون، ناهيك عن بلدية إستيتن، حسبما يلاحظ في الشكل الخارجي للبنايات المرصوصة بحجر المادون بشكل دقيق ومتناسق. كما يتخذ البعض الآخر حجر المقاط لإنجاز المدافئ المنزلية التي تنجز هي الأخرى في شكل ديكور يمتزج بين الحفاظ على الموروث القديم برونق متكامل مع متطلبات العصرنة في شكلها الجديد.