يتأكد من يوم لآخر أن حكومة الاحتلال أصبحت تدفع دفعا بالأوضاع في الأراضي المحتلة ألى تعفن اكبر ضمن مؤشرات قد تحتم على الشعب الفلسطيني إشعال فتيل انتفاضة جديدة، بعد أن فقد ثقته في مسار سلام تعمل إسرائيل بشتى الطرق من اجل تقويضه، وفرض أمر واقع يخدم مصالحها على حساب المصالح الفلسطينية. وتشير كل معطيات الواقع الفلسطيني المنهك بالاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة من استيطان وتهويد واعتقالات وحرمان، من أدنى الحقوق إلى إمكانية دخول الأرض الفلسطينية في موجة عنف جديدة بجيل جديد من المنتفضين ضد احتلال صهيوني يبقى همه الوحيد حرمان الفلسطينيين من حلمهم في إقامة دولتهم المستقلة. وهو ما حذّر منه المسؤولون الفلسطينيون الذين دقوا أمس، ناقوس الخطر من مغبة تسريع وتيرة الاستيطان بتلك الطريقة الجنونية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية بما قد يفجر الوضع مجددا بفلسطينالمحتلة. وجاء هذا التحذير بعد إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي نيتها بناء ما لا يقل عن ألف وحدة سكنية استيطانية جديدة بالقدس الشرقية والضفة الغربية، ضمن مخططات التهويد الرامية إلى ابتلاع كل الأرض الفلسطينية. وبينما حذّر جبريل الرجوب، العضو القيادي في حركة التحرير الفلسطيني "فتح" من أن "مثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب ستقود إلى انفجار" ندد صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بإعلان حكومة الاحتلال نيتها في بناء مستوطنات بألف وحدة سكنية جديدة، متهمة حكومة الوزير الأول بنيامين نتانياهو، بانتهاك القانون الدولي والدوس على مبادئ العلاقات الدولية". وأضاف عريقات أن استمرار الاستيطان "يؤكد ضرورة انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية على اعتبار ان الاستيطان بالقدس الشرقية والضفة الغربية يعد جريمة حرب تتطلب مساءلة ومحاسبة من اقترفها. وقال إنه "أصبح واضحا أمام هذه القرارات فإن الطريق السليم يبقى اللجوء الى القانون الدولي والشرعية الدولية لمحاسبة مقترفي جرائم الحرب بشكل صارخ لتدمير الأمن والسلام" في المنطقة. من جانبه أكد نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية أن "التصعيد الإسرائيلي في القدسالمحتلة والأماكن المقدسة والاعتداءات اليومية الخطيرة وإعلان مخطط استيطاني جديد بالقدس يمثل خطرا ندينه بشدة ولا نقبله". وضمن خرجاتها الاستيطانية المعهودة، أعلنت حكومة الاحتلال أمس، عن بناء ألف وحدة استيطانية جديدة في القدسالمحتلة في قرار اقل ما يقل عنه انه استفزازي ويزيد في صب مزيد من الزيت على نار متأججة ألسنة لهيبها تهدد بحرق الأخضر واليابس على السواء. وطالب أبو ردينة، الإدارة الأمريكية أمام هذا التحدي بالتدخل لوقف إسرائيل عند حدها، ومنع حدوث مزيد من التدهور خاصة وان الوضع الإقليمي المتوتر يوحي بحدوث عاصفة تاريخية قادرة على إحداث زلزال سيدمر الجميع دون تمييز". ويتأكد ذلك خاصة وان الإعلان على مثل هذا المشروع الاستيطاني الضخم جاء وقد اشتد التوتر بالمدينة المقدسة، التي تشهد منذ أيام مواجهات محتدمة بين الفلسطينيين الذين يدافعون عن المسجد الأقصى المبارك، من عمليات الاقتحام المتكررة لمجموعات يهودية متطرفة وقوات الاحتلال التي تؤمّن لهؤلاء اقتحام الحرم القدسي. ودفع ذلك بصائب عريقات، إلى مطالبة الإدارة الأمريكية التي استحوذت على دور الوسيط في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بتوضيح موقفها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد كل ما هو فلسطيني. كما طالب الولاياتالمتحدة بإعادة مراجعة موقفها المنحاز الى جانب إسرائيل، وعدم استخدام ورقة النقض ضد المبادرة الفلسطينية التي طرحتها على مجلس الأمن الدولي للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطينية على حدود 1967. ولكن هل تجد تحذيرات الفلسطينيين ودعواتهم آذانا صاغية لدى إدارة أمريكية لا يمكنها التصرف خارج إطار الموافقة الإسرائيلية، ولا يمكنها اتخاذ أي موقف ضد إسرائيل حليفها المدلل. طبعا الإجابة وبدون تحفظ ستكون بلا باعتبار أن واشنطن التي تعي جيدا حقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يسبق لها أن اتخذت أي موقف من شأنه حلحلة مسار السلام وينصف الفلسطينيين. بل على نقيض ذلك فكل مرة تحاول فيها الولاياتالمتحدة لعب دور الوسيط غير منحاز ضمن مسعى للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، إلا وجاءت إسرائيل لتخرب كل شيء أمام أعين المسؤولين الأمريكيين الذين لا يحركون ساكنا لوقفها عند حدها ويتلقون ضرباتها المؤلمة بأفواه مغلقة.