مازالت تداعيات هجمات الأربعاء الأسود على مدينة مومباي الهندية الأسبوع الماضي تلقي بضلالها على علاقات الجارتين العدوتين الهند وباكستان بعد أن أصرت الأولى على تحميل الثانية مسؤوليتها بتدبير تلك الهجمات الأدمى في تاريخ البلاد. وشدد مختلف المسؤولين الهنود على التأكيد في كل مرة منذ تلك الهجمات أن منفذيها قدموا من باكستان وهي عبارة تحمل كل الدلالات في اللغة الدبلوماسية بين بلدين بنيت علاقتهما على الشك وعدم الثقة المتبادلة. وذهبت السلطات الهندية إلى حد التأكيد أن الهجمات ألحقت ضربة قوية بالعلاقات الثنائية التي لم تعرف الاستقرار أصلا منذ استقلال باكستان عن الهند سنة 1947. وتعمدت السلطات الهندية استعمال مصطلحات تصعيدية ضد جارتها بدأتها بعبارة أن المهاجمين "جاؤوا من الخارج" قبل أن تستعمل لغة إيحائية دون اتهام مباشر ضد إسلام أباد ولكنها خطت أمس خطوة إضافية على طريق قطع علاقة الود بين البلدين واتهمت من خلالها باكستان بشكل مباشر بالتورط في الهجمات. ورغم أن السلطات الباكستانية أبدت ليونة في التعاطي مع تطورات الأحداث التي أفرزتها تلك الهجمات ودعت جارتها إلى التحلي بالحكمة ورباطة الجأش فإن مخاوف متزايدة بدأت تلقي بضلالها على علاقة هاتين الدولتين النوويتين في شبه الجزيرة الهندية وهو ما جعل الكثير من المتتبعين يبدون مخاوف من احتمالات متزايدة لوقوع مواجهة مسلحة بينهما. وكانت السلطات الهندية أكدت أمس عزمها توقيف مسار السلام والتسوية السياسية بين البلدين في رد فعل مباشر على ما وقع في مومباي. وبدلا من تهدئة هذه العلاقة المتوترة فقد عمدت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى تأجيجها بعد أن انحازت صراحة إلى جانب الطرف الهندي على حساب باكستان وطالبتها ب"تعاون كامل وشامل مع الهند" في التحقيقات الجارية لتحديد الجهات الواقفة وراء تنفيذ هجمات مومباي. وينتظر أن تصل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يوم غد إلى العاصمة نيودلهي تعبيرا من واشنطن عن وقوفها إلى جانبها في هذه المأساة.