لكل طابع بريدي قصة طويلة ومسيرة ثرية بالأحداث والحكايا، فهو بحق شاهد على تاريخ بلد ما وتراثه وخصائصه المتنوعة والطابع البريدي الإفريقي ومنه الجزائري لا يحيد عن هذه القاعدة، وفي هذا السياق يتواصل برواق محمد راسم عرض 2600طابع بريدي عن مجموعة عائلة بوزقاو. يتواصل برواق محمد راسم بالعاصمة تنظيم معرض الطابع البريدي الإفريقي الذي انطلق بحر الشهر الماضي ويتواصل إلى غاية حلول شهر رمضان المعظم، ويضم المعرض 2600 طابع بريدي يزين عشرين لوحة وضعت عبر سينوغرافية العربي رزقي. هذه المجموعة من الطوابع هي لعائلة بوزقاو، التي ورثتها الصحفية نور الهدى عن أبيها التي أبت إلا أن تشارك محبي الطوابع هذه الهواية الجميلة عن طريق تنظيمها لهذا المعرض الفريد من نوعه. "لكل طابع حكاية ولكل روح وتاريخ يعود بنا إلى جذورنا وأصالتنا العميقة" يقول عبد الحميد العروسي رئيس الاتحاد الوطني للفنون الثقافية ل"المساء"، مضيفا أن هذه المجموعة التي تضم طوابع جزائرية وإفريقية تؤكد ثراء وتنوع ثقافة القارة السمراء. العروسي استطرد في قوله أن هذا المعرض يمثل سفرية ممتعة لأكثر من نصف قرن من الإبداع وإنتاج الطوابع البريدية التي تكشف مسيرة وثقافة كل بلد إفريقي وحتى تأخذنا إلى زيارة الشخصيات التاريخية والمعالم الأثرية للقارة الإفريقية كل بلد على حدة، مضيفا أن المعلومات التي تنبثق عن الطوابع البريدية تمثل بحق مصدر توثيقي حتى للباحثين. العروسي أكد ل"المساء" حضور كل الدول الإفريقية في هذا المعرض ماعدا الصحراء الغربية التي تملك طابعا في هذه المجموعة ولكنه غير رسمي، مستأنفا قوله أنه وإن لم تشارك الصحراء الغربية في هذا المعرض إلا أن الاعتراف بها كدولة تقاوم لأجل الاستقلال، أمر لا مناص منه. ويعود صنع أول الطوابع البريدية إلى سنة 1840 بإنجلترا حسبما جاء في كلمة نور الهدى صاحبة المجموعة التي ورثتها عن والدها والتي تعرض جزءا منها برواق راسم، أما عن إفريقيا فقد كانت آنذاك تحت نير الاستعمار وكانت تستعمل الطوابع البريدية ولكن بختم الدولة المحتلة وهذا إلى غاية سنوات الستينات باستقلال الدول الإفريقية حيث أصبحت لديها طوابع خاصة بها، أما عن الجزائر فكان أول طابع جزائري محض يوم الفاتح من نوفمبر من سنة 1962.
سفرية عبر التاريخ كل طابع يخفي في طياته حكاية، أو أنه يكشف لنا قصة أو مرحلة من حياة بلد ما أو يبرز شخصية ما، فالطابع البريدي ذاك الذي يعبر عن تاريخ بلد وتنوع ثقافته أو خصائصه في شتى مجالات الحياة وحتى السياسية التربوية والاقتصادية والاجتماعية التي تسير عليها دولة ما. ويحكي هذا المعرض في عشرين لوحة، حكاية إفريقيا والبداية بتاريخ الطوابع البريدية الجزائرية وأول طابع بريدي صمم في الفاتح من نوفمبر من سنة 1962مخلدا استقلال البلد الذي جاء بعد تضحيات جسام، في هذه اللوحة يوجد أيضا طابع المهرجان الإفريقي الثقافي الأول من تصميم إسياخم، من ثم اللوحة الثانية التي تضم طوابع تعرّف بفترة ما قبل التاريخ، أما اللوحة الثالثة فهي عن شخصيات تاريخية أمثال الأمير عبد القادر وأحمد باي. اللوحة الرابعة تحكي عن الأحداث التاريخية الكبرى كثورة أول نوفمبر وأحداث الثامن من ماي 1945 واللوحة الموالية تتناول شخصيات إفريقية أمثال الرؤساء بومدين وبورقيبة وجمال عبد الناصر ونلسون مانديلا، وأما اللوحات السادسة والسابعة والثامنة وإلى غاية اللوحة العشرين كلها تحكي عن إفريقيا وكل منها تتناول موضوعا محددا مثل الحرف والفنون التقليدية، هذه الأخيرة التي قسمت إلى عدة محاور كالألبسة النسائية والألبسة الرجالية والقناع الذي تتميز به دول إفريقيا السوداء وفي مقدمتها غينيا بيساو. هل يمكن الحديث عن إفريقيا بدون التطرق إلى حيواناتها ونباتاتها وأزهارها التي تعبر حقا عن الطبيعة الخلابة التي تتميز بها هذه القارة التي ما تزال عذراء في بعض بقاعها، ولم تتعرض بعد للتلف على يد الإنسان، وها هي الطوابع المزينة بالأزهار المختلفة الأنواع والعطور ناهيك عن الحيوانات الأليفة منها والمتوحشة التي تملأ رواق راسم، بدون أن ننسى كل الخضر والفواكه التي تثير الزوار وكل الطيور والحشرات التي تعمر الفضاء. ننتقل إلى نموذج آخر من الطوابع يعكس السياسة التربوية المتبعة في البلدان الإفريقية وأخرى عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الرياضية مثل طابع الألعاب الأولمبية الشتوية 1967من تصميم بشير يلس، وطابع ألعاب البحر المتوسط 1975 من تصميم سيد احمد بن تونس. أهم ما ميز معرض الطوابع، فنجد لوحة لطوابع جزائرية وإفريقية في آن واحد ما عدا بعض الحالات كمجموعة الحرف التي ضمت فقط الطوابع الجزائرية، ويستمر هذا المعرض إلى غاية بداية رمضان المقبل.