تتواصل تداعيات قضية الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر التي يتهددها شبح الموت في أية لحظة جراء مواصلتها إضرابا مفتوحا عن الطعام للأسبوع الخامس على التوالي وأدى إلى تدهور وضعها الصحي بشكل خطير. وفي سياق سيل ردود الأفعال الدولية على مأساة هذه المناضلة الحقوقية لم يخف الأمين العام الاممي بان كي مون "قلقه الشديد" من الوضعية الخطيرة التي آلت إليها صحة حيدر وربط بين تسوية قضيتها واستئناف مفاوضات السلام بين جبهة البوليزاريو والمغرب لإنهاء النزاع القائم في الصحراء الغربية تحت إشراف الأممالمتحدة. وقال انه جد قلق لتدهور الوضع الصحي للحقوقية الصحراوية وألح على ضرورة إيجاد حل لهذه المعضلة في اقرب وقت ممكن وإقناع حيدر بوقف إضرابها عن الطعام الذي باشرته منذ شهر. ويسعى الأمين العام الاممي الذي اعتبر انه من الضروري عقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع الصحراوي إلى دفع المغرب إلى الموافقة على عودة حيدر إلى مسقط رأسها بالعيون المحتلة من اجل خلق الأجواء المناسبة لاستئناف العملية السلمية المتعثرة منذ أزيد من عام. ولكن المهمة لن تكون سهلة خاصة وان المغرب رفض في بادئ الأمر كل النداءات والدعوات المطالبة بالسماح لحيدر بالعودة إلى بلدها الأصلي ليجد نفسه وسط سيل من الاتهامات والانتقادات بعدما أخذت القضية أبعادا دولية وضعت الرباط في مأزق حقيقي وجعلتها تبحث عن مخرج مشرف وان كان على حساب تقديم الحقوقية الصحراوية للاعتذار الأمر الذي رفضته هذه الأخيرة. وتتواصل تفاعلات قضية الحقوقية الصحراوية التي تمكنت بصمودها من إحراج الحكومة الاسبانية التي فشلت في تسوية هذه المعضلة بعدما رفض المغرب الاستجابة إلى مطالبها. وهو الفشل الذي دفع بعديد الفعاليات السياسية والحزبية والإعلامية والمدنية في اسبانيا الى المطالبة بتدخل الملك خوان كارلوس بحكم علاقاته الوطيدة مع العاهل المغربي الملك محمد السادس ولكن هذه الدعوة لم ترق للحكومة الاشتراكية التي اعتبرت ان تدخل الملك خوان كارلوس غير مطروح في الوقت الراهن. وذهب وزير الخارجية الاسباني انخل ميغال موراتينوس إلى اعتبار ان المسؤولية الأولى في تسوية قضية الحقوقية الصحراوية تقع على عاتق الحكومة وليس الملك. وجاءت تصريحات رئيس الدبلوماسية الاسباني خلال لقائه أول أمس بنظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون في العاصمة واشنطن في اجتماع تناول وضعية حيدر وسبل إنهاء المعضلة. وكانت كاتبة الدولة الأمريكية دعت وزير الخارجية المغربي طيب فاسي فهري إلى بحث قضية حيدر ونقلت له في اتصال هاتفي قلق الولاياتالمتحدة من تدهور الوضع الصحي لحيدر. وهو الموقف نفسه الذي أعربت عنه فرنسا التي جددت انشغالها العميق للحالة الصحية للمناضلة الصحراوية حيث اعتبر برنارد فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية انه "على غرار شركائنا الأوروبيين نبقى قلقين بشان الحالة الصحية للسيدة اميناتو حيدر، كما نبقى على اطلاع بشأنها". وأضاف انه "في نهاية الأسبوع الماضي قدم الأمين العام الاممي اقتراحات للإطراف المعنية من اجل المساهمة في إيجاد حل لهذه المسالة" وقال "اننا ندعم أي مبادرة من شأنها السماح بالتوصل الى حل في اقرب وقت ممكن". ويعد هذا التصريح الثاني من نوعه لمسؤول فرنسي في اقل من أسبوع بخصوص الإضراب عن الطعام الذي تشنه المناضلة الصحراوية، مما يؤكد حالة الاستنفار التي أحدثتها قضية حيدر على المستوى الدولي. وكان فاليرو قد عبر الأربعاء الماضي عن امل بلاده في إيجاد "حل سريع" للمناضلة الصحراوية من اجل حقوق الانسان في اقرب وقت ممكن وقال ان "فرنسا كانت دائما مقتنعة بضرورة ايجاد حل لمسألة الصحراء الغربية في إطار قرارات الأممالمتحدة ولائحتي مجلس الأمن الدولي رقم 1813 و1871" وكانت العديد من الجمعيات والشخصيات الفرنسية قد أعربت عن تضامنها مع المناضلة الصحراوية ودعت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى العمل "بكل فعالية" من أجل حمل المغرب على احترام ميثاق الأممالمتحدة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، قصد تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.