لا شيء يبشر بالخير في العراق بعد أن عاد العنف ليشكل أبرز سماته اليومية وجعل العراقيين يستعيدون مشاهد الدم والدمار التي عايشوها في بداية الاحتلال الأمريكي الذي أدخل بلادهم في دوامة عنف عانوا خلالها من ويلات حصدت أرواح مئات الآلاف منهم. وفي حلقة جديدة من هذا المسلسل المتجددة أطواره لقي أمس 12 شخصا مصرعهم وأصيب 32 آخرين بعد أن أقدم انتحاري كان يقود سيارة ملغمة على تفجيرها على مقربة من تجمع لأشخاص كانوا ينتظرون تسلم مساعدات اجتماعية وسط الرمادي الواقعة على بعد مائة كلم إلى الغرب من بغداد. وذكر مصدر أمني عراقي أن قوة الانفجار أدت إلى تفحم جثث الضحايا الذين كان من بينهم سيدتين وطفل. وتواصلت التفجيرات الانتحارية في مناطق متفرقة من العراق مما أدى إلى إصابة ثمانية أشخاص آخرين من بينهم ثلاثة جنود في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة ضد مركز مراقبة بمنطقة سكلاوية الواقعة 60 كلم غرب بغداد. كما أصيب سبعة عناصر من أفراد الشرطة بجروح متفاوتة الخطورة في سلسلة هجمات بالقنابل بالعاصمة ومدينة الموصل بالشمال. وتأتي هذه التفجيرات غداة يوم دام عاشه العراق بمقتل ما لا يقل عن 43 شخصا وإصابة 185 آخرين في ثلاثة تفجيرات انتحارية تسببت في اندلاع حريق في محلات تجارية بمدينة البصرة في جنوب البلاد. وتزامنا مع ذلك ذكر بيان للجيش الأمريكي مصرع جندي من وحدات المارينز في هجوم استهدفه بمحافظة بابل ليرتفع عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية منذ غزو العراق شهر مارس 2003 إلى .4414 ويزداد الوضع الأمني في العراق تأزما في وقت تعقد فيه المشهد السياسي بشكل خطير بعدما عجزت مختلف التكتلات السياسية من تجاوز عقبة تشكيل الحكومة نصف عام منذ إجراء الانتخابات التشريعية. وفي آخر تطورات الأزمة السياسية العراقية أعلن طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي والقيادي في القائمة العراقية رفض هذه الأخيرة للاقتراح الأمريكي الداعي إلى تحالفها مع ائتلاف دولة القانون التي يقودها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي مع ترك منصب رئاسة الحكومة لدولة القانون. وقال الهاشمي ''إن قادة العراقية رفضوا اقتراحا كررته الوفود الأمريكية إلى العراق يقضي بالتحالف مع دولة القانون على حساب حقنا الانتخابي وبمنح رئاسة الوزراء إلى دولة القانون''. واعتبر نائب الرئيس العراقي ''أن للولايات المتحدة مصالحها الخاصة ورؤيتها في تحقيق هذه المصالح التي قد تلتقي أو تختلف مع رؤيتنا للمصلحة الوطنية العراقية''. وتصر القائمة العراقية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي على أحقيتها في تشكيل الحكومة الجديدة باعتبارها الفائزة في الانتخابات التشريعية وترفض التحالف مع ائتلاف دولة القانون الذي تبخرت آماله في الحفاظ على منصبه بعد إعلان عديد الأحزاب الشيعية رفضها لشخص المالكي لتولي رئاسة الوزراء. وكانت الولاياتالمتحدة دخلت على خط المصالحة العراقية العراقية بإيفاد مسؤولين كبار عنها إلى بغداد لحمل مختلف الأطراف العراقية على احتواء أزمة تشكيل الحكومة الجديدة وكانت آخرها الرسالة التي بعث بها الرئيس باراك اوباما إلى المرجع الديني الشيعي آية الله علي السيستاني بعدما تأكد من أن مفتاح حل هذه المعضلة بين يديه.