سجّلت مؤخّرا الشاعرة الجزائرية المتميّزة حنين عمر حضورها في فعاليات مهرجان المربد الشعري الثامن الذي احتضنته مدينة البصرة العراقية وحمل اسم الشاعر الثائر ''مظفر النوّاب''، وخصّص للاحتفاء بالشاعر الكردي ''شيركو بيكه س'' تقديرا لمنجزه الشعري الكبير. حنين عمر قدّمت قصيدة ''ستّ الشنانيل'' خصيصا للعراق، وجاء فيها: ''قل للعراق بأنّني سأعودهُ، أمشي على خط النزيف وأرفلُ، هذي طريقك يا بلادي قد دنتْ، وعلى ضفافك يا عراقُ سأنزلُ، فعباءتي السوداءُ تعرفُ من أنا، والنخلُ يعرف والزمان الأولُ، أنا يا عراقُ حبيبة موجوعة ، هلاّ ضممتَ حبيبة تتوسلُ؟، هذا دمي بحرٌ يغازل موجهُ، خذ موجةً من شوقها يتنزلُ، وحيٌ بدجلة يشتهيني قبلة ، فيمرُّ من جسدي الفراتُ وأحبلُ''. وتضيف: ''أنا يا عراقُ حبيبة مظلومةٌ، (ستُّ النساءِ) على الهوى تتفضلُ، (ستُّ الشناشيلِ) التي قد حُمِّلَتْ، جمرَ الحنين...فمن له يتحمل؟، الجمرُ شوقك والحنين فؤادها، والآه من طول الرّوافد أطولُ، يا دمعة بالشط تذرف نفسها، فيرُّدها للعين فينا الموصلُ، فتعود دامعة لتكتمَ غيثها، ونظلّ نحن بغيمها نتبللُ، قهرا نمدّ الكف... نطلب موطنا، والكون من يدنا الهوا يتسوَّلُ؟''. وحنين عمر شاعرة ذات لونِ مميز، جمعت بين حروف كلماتها قطوفاً من الرومانسية والرقة، الحلم، الدفء والجرأة، استطاعت عبر أعمالها الأدبية التعبير عن المرأة ومشاعرها وأحلامها وأفكارها بمقدرة فريدة، الجدير وهي إحدى شاعرات مسابقة ''أمير الشعراء'' في نسختها الأولى (2007)، ووصلت إلى المرحلة الخامسة عشر من التصفيات النهائية، كما أنّ لها عددًا من الإصدارات في مجال الأدب والشعر على غرار رواية ''حينما تبتسم الملائكة'' (2003)، ''رجال من السكر'' (2007)، ديوان ''سر الغجر'' (2009) وديوان ''باب الجنة'' (2010). وتتّخذ طارقة ''باب الجنة'' من الكتابة حياتها والشعر بحرها، الليل صديقها والتحرّر شعارها، واستطاعت في ظرف وجيز أن تفرض وجودها بخطوات ثابتة على الساحة الأدبية، وترفع على عاتقها لواء التجديد، كما اعتبر المطرب الكبير كاظم الساهر قصيدتها ''ماذا بعد؟'' التي اختار أن يغنيها، أفضل قصيدة حملها ألبومه الجديد ''لا تزيديه لوعة'' الصادر في جانفي,2011 في مباغتة فاجأت الكثير من متتبعي الحراك الفني وعشّاق قيصر الغناء العربي، الذي طالما أطربهم بقصائد كبار الشعراء الراحلين والأحياء على حدّ سواء. وتتنوّع قصائد حنين عمر ما بين الحنين والوجدان، التحدي والأمل، الفقد والحب، كما تحتشد عناوين قصائدها بالتناصات الشعرية والتجسيد التاريخي لكثير من الشخصيات والأحداث التاريخية التي لها مكانة في ثقافة الإنسان العربي المتشبّث بأصالته العربية، وبالرغم من محافظة الشاعرة على القالب العمودي التقليدي إلاّ أنّ قصائدها تعجّ بالتجديد والصور الشعرية المبتكرة والألفاظ الحديثة المعاصرة اليومية، ومحاولة إذابة الموروث التاريخي بالحياة الفكرية المعاصرة. وشاركت حنين في معظم المهرجانات العربية والأمسيات الثقافية، كما أنّها حائزة على عدد من الجوائز في مجال الأدب كان آخرها اختيارها ضمن قائمة أفضل 30 شاعرا عربيا معاصرا مجدّدا إبداعيًّا خلال الخمسين عام الأخيرة بإيران.2009 وعرف مهرجان المربد الشعري الثامن الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة بدعم من وزارة الثقافة وبالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين تحت شعار ''الإبداع.. ثقافة، حرية، تغيير''، مشاركة أكثر من 150 شخصية أدبية وفنية عراقية فضلا عن 30 شخصية من الأدباء العرب، كما شهد معرض للكتاب ومعرض آخر للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية-.