أكدت روسيا أمس، أنها لن تسمح أبدا بإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا، في رد على مقترحات تقدم بها عسكريون أمريكيون للرئيس باراك أوباما من أجل الانتهاء من نظام الرئيس بشار الأسد. وأكد الكسندر لوكاشيفيتش الناطق باسم الخارجية الروسية أمس، ”لقد رأينا مثال ليبيا والطريقة التي تم بمقتضاها تسيير منطقة الحظر الجوي، وكيف طبقت القرارات التي اتخذت ضد نظام هذا البلد، ونحن لا نريد تكرار ذلك في سوريا”. ويتأكد من يوم لآخر، أن فقدان روسيا لحليف لها بحجم وأهمية ليبيا في القارة الإفريقية مازال غصة في حلق السلطات الروسية، وهي تحرص كل الحرص على ألا يتكرر ماوقع في ليبيا مع سوريا. وهو ما يفسر درجة تشدد الموقف الروسي ضد كل التحركات الغربية الرامية إلى الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، سواء عبر فكرة إقامة بطاريات ”باتريوت” في تركيا أو تسليح المعارضة السورية أو فرض منطقة حظر جوي على سوريا. ويذكر، أن موسكو كانت قد امتنعت عن تصويت على مشروع قرار لإقامة منطقة حظر جوي في ليبيا، بدعوى حماية السكان الليبيين ما لبثت الدول الغربية أن استغلته كغطاء قانوني للتدخل العسكري والإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، ولم تدرك موسكو خطأها إلا بعد فوات الأوان وفقدانها أكبر حليف لها في القارة الإفريقية. وكان ملف الأزمة السورية محور قمة مجموعة الثماني التي انطلقت أشغالها أمس بايرلندا الشمالية، حيث استغل قادة الدول الغربية هذه المناسبة للضغط على الرئيس فلاديمير بوتين، على أمل إقناعه بتليين مواقف بلاده بكيفية تسمح لهم بتسريع عملية إنهاء فترة حكم الرئيس بشار الأسد. ويبدو أن الرئيس الروسي أدرك حجم الضغوط التي ستمارس عليه في هذه القمة، مما جعله يبدي مواقف متشددة تجاه ملف الأزمة السورية يوما قبل انطلاقها، في مسعى لرفض كل فكرة للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. ودفعت هذه الضغوط بالوزير الأول الكندي ستيفن هاربر إلى حد إقصاء روسيا من مجموعة الثماني، وقال إنها ”مجموعة السبعة زائد واحد” في إشارة إلى روسيا التي تتبنى مواقف مغايرة حد التعارض مع مواقف الأعضاء السبعة الآخرين، وذهب المسؤول الكندي إلى حد اتهام بوتين بدعم ”نظام استبدادي”. وكان الرئيس الروسي حذر لدى وصوله إلى ايرلندا من كل محاولة غربية لتسليح المعارضة السورية، ودعا في رسالة حادة اللهجة باتجاه الدول المدافعة على هذا الخيار بعدم خرق القوانين الدولية”. وهو الخيار الذي أكد الرئيس بشار الأسد بشأنه، أن أوروبا ستدفع ثمن أي قرار يقضي بتسليح المعارضة لأنها ستتحول إلى ”ساحة للأنشطة الإرهابية”، وأن أي قرار في هذا الاتجاه سيكون بمثابة تصدير للإرهاب إلى داخل العمق الأوروبي. وقال فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري من جهته، إن الإقدام على تسليح المعارضة ضد نظام بلاده يعد بمثابة ”دعوة للقتل”، مادام هذا الخيار يعكس حقيقة نوايا المدافعين عنه من أجل مواصلة عمليات القتل في سوريا، في إشارة إلى فرنسا وبريطانيا ودول غربية أخرى ما انفكت تطالب بتسليح المعارضة السورية، بدعوى وجود اختلال في ميزان القوة بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة لها.