صدر العدد الثامن والعشرون من مجلة "التبيين"، التي تصدرها الجمعية الثقافية "الجاحظية"، ويأتي هذا العدد في ثوب جديد من حيث الحجم والرسم، لأنه صدر في إطار "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"· ·· فالعدد 28 من "التبيين"، تميز عن سابقيه من الأعداد، بالإخراج الجيد والورق الممتاز والغلاف الملون، وهذا ما لم يسبق أن صدرت به مجلة "التبيين"، كما أن العدد من حيث الحجم ودسامة المواضيع المدروسة والمبحوثة والمبدوعة، تتميز هي الأخرى بثقل الأقلام التي سطرتها· تتصدر العدد الذي تزامن وتوزيع جائزة "مفدي زكرياء" للشعر، افتتاحية الروائي الطاهر وطار المدير المسؤول عن المجلة، التي حملها عنوان "مغرب الشعراء"·· أما الدكتور عمر عروة، فقد تناول في دراسة اهتمام المحققين بالنص التراثي المخطوط·· والدكتور علي ملاحي فضل الإبحار في ذاتيات الشاعر نزار قباني مختارا له عنوان "شعرية السيرة الذاتية عند نزار قباني"· كما تميز هذا العدد بنخبة أخرى من المقالات الأدبية، تناولت الثقافة من أصعدتها السياسية والاجتماعية والفكرية وحتى التاريخية، ولم تقتصر هذه النخبة على الأقلام المحلية، بل بمشاركة أقلام عربية من المغرب والأردن· أما جناح القصة من المجلة، فقد تميز بعدة عروض قصصية منها "خطوات لزجة للفرجة"، "هوس الشوق"، "بدرانة"، "أحقا مات"، "كاتب الديوان"، "صانع الأحلام" و"بين رصيفين"· أما باب الشعر ومنبره، فقد تداول عليه العديد من الشعراء الذين سبق وأن سجلوا أسماءهم على اللوح الذهبي لجائزة "مفدي زكرياء" للشعر· وحتى لا نغادر الشعراء الذين لم يغادروا شيئا حسب فارسهم عنترة بن شداد، نذكر منهم سعدي يوسف في قصيدة "عيد الميلاد" والتي نقتطف منها جزءا من مقطع : "كم ساءلتني مثلك إمرأة: هل استمتعت بالميلاد؟ أين ذهبت ؟ هل···؟" أما الدكتور فاتح علاق، ففضل أن يكتب بالحبر الأحمر رامزا إلى الجمر والحبر، معنويا قصيدته ب"الجرح والكلمات"،ولنذهب معه في هذا المقطع: "نادرا ما أسوق الكلام إلى بلد، أو أعاقر شعرا، وأسلق قوما بألسنة من صرير النغم، نادرا ما أعانق أمزجتي وأسمي الهموم ندامى، الكلام شراك"··· وهكذا يستمر الشدو من على غصن البلابل، منهم من يفضل التحليق كأي غيمة فوق أمواج بحر مستنحتا لغته من الماء السري الذي لا تنمو عليه عرائش الكلمات·· هناك في الجانب المنسي، بل حيث العتمة والرطوبة والإرهاق تسكن الأفكار كالأحاجي القديمة المسلولة بالرطوبة والمصلوبة على أفواه المغاور كخيوط العناكب· وهكذا تفضي بنا القصائد إلى الشاعرة راوية رقية يحياوي، إلى نافذة أخرى من نوافذ المطر، حيث غابات من نخيل القزح يتطاير الرذاذ وأي رذاذ، يمنع المحابر من إنجاب جملة أو تشكيل عصفورة تطير في نغم "رذاذ الميموزا"، هي القصيدة التي حاولت فيها راوية رقية الطيران من أجل اللقاء، إذ تقول: "ألقك شجرتي يحتويني، وسرك المحتفي بالأصفر يشتهيني، أراجع في غصنك سؤال المحتوى"··· وهناك قصائد أخرى تزين بها العدد ال28 من "التبيين"، الذي تميز بمقاس كبير وبلون أزرق للغلاف مطعون بفجر، مسفوك بشفق، واشتمل العدد على 268 صفحة كلها مبحرة في قارب "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"·