تمر اليوم الذكرى ال 21 لانتفاضة شباب أكتوبر ، وخلال أكثر من عقدين من هذه الأحداث لازالت الاراء متباينة ومتضاربة في المجتمع حول ما وصلت إليه أوضاع الشباب اليوم، والأهداف التي حققها أطفال وشباب اكتوبر ، والذي يظل تاريخا منقوش في ذاكرة الجزائريين، بحكم أنه كان فاصلا بين محلتين هامتين من تاريخ الجزائر . نادية دريدي رئيسة الجمعية الوطنية لحماية المرأة والشباب لا يجب أن ننسى الخامس من أكتوبر لكن يجب علينا ان نتسامح اعتبرت نادية دريدي رئيسة جمعية حماية المرأة والشباب أنه لا يجب علينا أن ننسى ذكرى الخامس من أكتوبر التي تعتبرها مهمة ، وفي الوقت نفسه أكدت على أنه لا بد للمجتمع الجزائري بكل أطيافه أن يتسامح ويستفيد من هذه التجربة، معتبرة أن المرحلة التي مرت بها البلاد بداية من الخامس أكتوبر كانت" عصيبة" رافضة تسميتها "بالسوداء "، معتبرة أن ضحايا أكتوبر شهداء وضحايا واقع فرض عليهم ، كما عبرت دريدي على أن الوضع الأن في سنة 2009 تحسن بصورة أكبر عما كان عليه في بداية التسعينات وأواخرها ، رغم تأكيدها على أن الشباب لازال يعاني فأزمة "الحراقة" لم تحل بعد وكذا الكثير من المشاكل الإجتماعية ، مطالبة في هذا الصدد السلطات المعنية أن تأخذ بيد الشباب وتفتح لهم أبواب الأمل ، مذكرة في نفس الوقت بمجهودات رئيس الجمهورية التي يبذلها لاجل الشباب معتبرة أن برنامجه الأخير "برنامج خاص بالشباب " اعتبر مرشح الرئاسيات ل 2009 عن حركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي أن الأهداف التي انتفض لأجلها الشباب في الخامس من أكتوبر 1988 لم تتحقق، موضحا بالقول " أننا لم نأخذ العبرة من مواقعنا ، ونعيد دوما نفس الأخطاء " ، وعن انتفاضة اكتوبر قال يونسي أن الشباب انتفض لاجل اهداف اجتماعية ممثلة في الشغل والسكن ، ورغم مرور اكثر من عقدين – يضيف يونسي – ما زالت المطالب التي انتفض لأجلها شباب أكتوبر لم تتحقق . مؤكدا على أن انتفاضة الشباب كانت اجتماعية بحتة إلا أن الفاعلين في البلاد أعطوها صبغة سياسية بادعائهم أن الشباب خرج مطالبا بالإنفتاح السياسي "ليسيروا صوريا في هذا الإتجاه" ، وتأسف جهيد يونسي عن الوضع الذي وصلت اليه الجزائر بعد اكثر من عقدين على احداث اكتوبر حيث اعتبر أن الكثير من البلدان تنعم بديمقراطية حقيقية وصارت في الصدارة رغم أن انطلاقتها كانت متأخرة مقارنة بالجزائر التي كانت في الصدارة والتي صارت – حسبه – اليوم تتراجع بشكل كبير في ما يخص ( المكاسب الديمقراطية ) . ورفض جهيد يونسي أن توصف الأحزاب بأنها استغلت شباب الخامس من اكتوبر لتكون لنفسها موقعا في الخارطة السياسية على حساب تضحيات أطفال وشباب اكتوبر، معتبرا أن الكثير من الاحزاب كانت تعيش في السرية وتناضل في الخفاء قبل واثناء أحداث أكتوبر حيث كان مناضليها معرضين للخطر على الدوام، ولم ينف مرشح رئاسيات افريل 2009 استغلال بعض الجمعيات التي وصفها " بالطفيلية " التي ركبت القطار بعد انطلاقه بالمتاجرة بمآسي شباب اكتوبر والتجارة بهم، معتبرا أن المشكلة اليوم صارت مشتركة بين السلطة والأحزاب والمجتمع المدني والإعلام من أجل تحقيق طموحات وتحقيق الأهداف التي انتفض لاجلها الشباب في الخامس من اكتوبر 1988 . اعتبر القيادي في حركة مجتمع السلم وعضو المجلس الشوري عبد الرزاق مقري أن الشباب الجزائري انتفض في الخامس من أكتوبر 1988 من أجل ان يكون له دور في إدارة شؤون الوطن وتحسين أوضاعه الإجتماعية ، ولكن مع الأسف الشديد -يضيف مقري- أن لا شيء من ذلك تحقق موضحا أن التنمية الاقتصادية لازلت مرتبطة بالمحروقات ولا توجد تنمية حقيقة ، كما أنه لا توجد مشاركة سياسية ولا اقتصادية فعلية تحتوي الشباب وتحاول بلورت أفكاهم ، والدليل أن الإستحقاقات الإنتخابية المختلفة لم يعد لها معنى ، ولم يعد الشباب يؤمن بها ولا يقبل عليها . اعتبر النائب البرلماني عن جبهة التحرير الوطني مصطفى بوصبيع أن الخامس من أكتوبر 1988 يعد مرحلة هامة من حياة الشعب الجزائري كما يعد نقطة تحول أساسية بين مرحلتين ، تميزت المرحلة الأولى بمرحلة الحزب الاوحد بينما تميزت المرحلة الثانية والتي أعقبت أحداث 5 اكتوبر 88 بالتعددية والإنفتاح السياسي ويضيف النائب أنه ورغم اختلاف الرؤى في ما يخص هذه الأحداث التي يعتبرها البعض مرحلة هامة وفتحت المجال وواسعا أمام التعددية الحزبية والتعدية الإعلامية والنقابية ، إلا أن البعض يراها أنها كانت بداية لدخول الجزائر في مرحلة مظلمة أدت بها إلى انزلاقات خطيرة ، واعتبرف بوصبيع أن الجزائر مرت بمرحلة قاسية وصعبة والتي اعتبرها " مرحلة غير عفوية " ابتدأت من الخامس اكتوبر 88 الى غاية 1999 لتبدأ حسب النائب مرحلة أخرى بعد 1999 قال عنها المتحدث انها مرحلة الأمل والمضي نحو المستقبل . وعن معايشته للاحداث قال مصطفى بوصبيع أنه في تلك المرحلة كان مثله مثل تلاميذ الثانويات لم يكن يعي ما يحدث، مضيفا أن الأمور توضحت له بعد دخوله الجامعة وخوضه غمار السياسة ليتأكد بعدها على ضوء ثقافته السياسية أن الأحداث لم تكن عفوية على الإطلاق . قال الكاتب والصحفي سعد بوعقبة في تعليقه على الانفتاح الذي حدث عقب أحداث أكتوبر 1988 أن الأحزاب التي ولدت بعد أحداث اكتوبر 88 ليست في واقع الحال سوى لواحق للسلطة موضحا بالقول " أنها ولدت في أحضان السلطة ورضعت من ثديها ، وتريد أن تكون ديلا لها " . وعن طموحات الشباب وأهدافهم التي انتفضوا لأجلها في الخامس من أكتوبر 1988 قال بوعقبة أن الشباب قبل هذا التاريخ " كانوا في البر وبعد 21 سنة من تاريخ انتفاضتهم وجدوا أنفسهم في البحر" في إشارة منه لظاهرة الحراقة التي استفحلت في السنوات الأخيرة . أكدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم أنه من غير المستبعد ان تستنسخ أحداث الخامس من أكتوبر 1988 أمام ما يعانيه الشباب من ظروف اجتماعيوة قاهرة تتمثل في بطالة طال أمدها وفقر مدقع فضلا عن مشاكل أخرى لا يمكن حصرها، وختمت كلامها بالقول أن الشباب اليوم وبعد 21 سنة من انتفاضة الخامس من أكتوبر "لم يبقى لهم سوى الحرقة أو الصعود الى الجبل ". عبر رشيد عطوي رئيس الودادية الوطنية لمكافحة الآفات الإجتماعية عن أوضاع الشباب بعد 21 سنة من أحداث أكتوبر بمشهد نقله لنا من صالون حلاقة للرجال "اين سمع أحد الشباب يتكلم عن(حرقة) مضمونة ب 40 مليوم سنتيم، حيث قال عطوي أنه حاول ثني الشاب واقناعه بعدم جدوى هذه المغامرة وأنه يملك أدلة تثبت أن ثمة شبابا قتلوا في عرض البحر من طرف عصابات محترفة وانتزعت أعضاؤهم ، إلا أن الشاب إضافة إلى شباب آخرين شاركوه الراي رفضوا الإقتناع معتبرين أن دورهم في البلاد انتهى قبل أن يبدأ " واعتبر رشيد عطوي أنه رغم مرور 21 سنة على انتفاضة الشباب الذين طالبوا بالشغل والسكن والكرامة لازلت الأمور نفسها تتكرر اليوم، مناشدا المعنيين اعطاء الشباب حقهم ومنحهم فرصة للعيش في وطنهم بكرامة . لم ينف مبروك زنوش المكلف بالإعلام على مستوى اللجنة الوطنية لحماية الشباب الجزائري الأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر بعد أحداث أكتوبر في مجالات عدة ، مثل حرية التعبير وفتح المجال أمام حرية الرأي وانشاء الجمعيات السياسية، مؤكدا أن أهدافا كثيرة تحققت لم نكن نحلم بها قبل أكتوبر 88 ، لكن بالمقابل أكد زنوش أن الشباب الجزائري لم يحقق الأهداف التي خرج من أجلها في الخامس من أكتوبر 1988 خاصة حقه في التعبير والبحث عن مستقبله فضلا عن المشاركة السياسية، معطيا مثال على ذلك تشكيلة المجلس الشعبي الوطني التي قال عنها أنها تتشكل ما بين 60 و70 بالمائة من اشخاص تعدوا العقد السادس من أعمارهم ، في الوقت الذي تشكل شريحة الشباب في الجزائر النسبة الغالبة والمقدرة ب 75 بالمائة، موضحا أن الشباب ليس له مكان في الوسط السياسي ولا يمكنه المشاركة السياسية ولا في اتخاذ القرار ، وهذا ما أدى إلى الشباب في 5 اكتوبر 1988 إلى التعبير عن سخطه بعنف ، وما أدى به اليوم في 2009 إلى الهجرة غير الشرعية او " الحرقة " ورمي نفسه في البحر .