يتحول زقاق السوافة بوسط مدينة خنشلة القديمة مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك إلى ساحة لشحذ السكاكين وكل الأدوات الحادة التي تستعمل يوم نحر أضحية العيد إلى قبلة للمتسوقين من مختف جهات الولاية لاقتناء بعض الحاجيات اللوازم بهذه المناسبة. ويرى بعض الحرفيين الذين يقبلون على ممارسة هذا النشاط الموسمي أن هذه المناسبة الدينية تعد فرصة لكسب الرزق نظرا لإقبال المواطنين من أجل شحذ السكاكين وشراء الفحم وقصب الشواء وآلة شواء اللحم والسكاكين الجديدة وغيرها من الوسائلالتي تستخدم في الاحتفاء بهذه الشعيرة الدينية . وتسمح هذه الحرفة التي تبرز كنشاط قبيل أيام العيد لمحترفيها من بعض الشباب والكهول بجمع بعض المال لشراء الأضحية وتلبية بعض مطالب العائلة و إدخال الفرحة في نفوسهم. ووسط هذا الزخم اعتبرعباس وهو مشغول بشحذ سكين و بجانبه مجموعة أخرى ملقاة على الأرض وزبائن ينتظرون أن هذه الحرفة المعروفة محليا ب"الرحى" أو "المضاية" ورثها عن أبيه منذ ما يزيد عن عشريتين بهذا الزقاق الذي كانت تنتشر به العديد من المحلات التجارية المتنوعة في الحرف القديمة كخياطة الألبسة التقليدية خاصة القندورة والقشابية والبرنوس وصناعة الأدوات المنزلية كالغربال و القصعة الخشبية التقليدية وحدادة المناجل و المحارث وغيرها من الوسائل التي أصبحت مفقودة في ظل انتشار المكننة والصناعة الحديثة. وفي سياق حديثه عن عراقة هذا الزقاق الذي أصبح كل شيء يباع فيه طوال السنة بما في ذالك الأشياء القديمة والخردوات تجمع حوله أشخاص بغرض شحذ سكاكينهم فجمعها في ورق مسجلا أسماءهم عليها طالبا منهم العودة لها بعد قليل لأخذها لأن الطلبات كثيرة. وعلى مقربة من هذا الحرفي وغيره من الحرفيين الآخرين المنشغلين بشحذ السكاكين على آلات الشحذ التي امتزجت رائحة دخانها بروائح العطور ومواد التنظيف واللحوم البيضاء والحمراء المعروضة على الطاولات وسط صدى البائعين العارضين أكياس الفحم بمختلف الأوزان و آخرين قضبان الشواء المصنوعة من الخشب والحديد وآلات الشواء في أجواء تطبعها روح المنافسة وكسب الزبائن وتقديم الخدمة إليهم مقابل ما يجمعونه من مال. ويعمد الكثير من الممتمهين لحرفة الجزارة إلى أخذ مواعيد مع بعض الزبائن والاتفاق معهم صبيحة يوم العيد لنحر أضاحيهم أو التوجه إلى الأحياء السكنية وعرض خدمتهم على الراغبين في ذبح الأضاحي أو بالاتفاق المسبق مع معارفهم و أصدقائهم الذين يتجنبون طوابير المذابح . ومعلوم أن هذه الحرفة تدر على أصحابها دخلا لا بأس به كذلك في هذه المناسبة الدينية حسب تصريحا تهم. تجدر الإشارة الى أن جلود الأضاحي يتبرع بها المواطنون إلى المساجد حيث تتولى لجانها الدينية بيعها إلى تاجر متعامل ومختص في تسويقها بمدينة خنشلة بدوره إلى وحدات صناعة الجلود خارج الولاية. وترى اللجنة الدينية بمسجد "خديجة أم المؤمنين" بمدينة خنشلة أن هذه العملية تندرج ضمن أعمال الخير في التبرع بها لبيوت الله خير من رميها في القمامة لأن عهد استعمالها كأفرشة قد ولى أمام زحف صناعة ونسيج الزرابي و الأفرشة العصرية مثلمالاحظ نفس العضو باللجنة الدينية المذكورة.