كرست الانتخابات الرئاسية حالة تشرذم وسط التيار الإسلامي حيث أن كل محاولات التقريب بين مكوناته باءت بالفشل، وتستعد أحزاب هذا التيار لدخول المتنافسين، في وقت فشل التيار في تقديم ممثل عنه في هذا السباق. شهدت الأشهر الأخيرة، التي سبقت الإنطلاق الرسمي لسباق الرئاسيات، محاولات للتقريب بين أحزاب وشخصيات التيار الإسلامي من أجل مرشح توافقي أو حتى موقف واحد بشأن هذه الإنتخابات، لكن كل المساعي باءت بالفشل لتكرس الواقع الذي يعرفه التيار منذ سنوات بوجود حروب زعامة وانعدام الثقة بين مكوناته. وأفرز هذا الواقع اتخاذ كل حزب مبادرة منفردة في التعامل مع الإستحقاق الإنتخابي فاختارت حمس والنهضة خيار المقاطعة بدعوى أن السباق مغلق سلفا بشكل وضع الطرف الثالث في تكتل الجزائر الخضراء وهو حركة الإصلاح الوطني في حرج، لكن حزب جهيد يونسي قرر الخروج من عباءة هذا التحالف واتخاذ موقف مغاير بدعم رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس. وسار حزب جبهة الجزائر الجديدة بقيادة جمال بن عبد السلام في نفس مسار حركة الإصلاح بدعم علي بن فليس في الرئاسيات في وقت مازال رئيس حركة التغيير عبد المجيد مناصرة في مفاوضات مع بن فليس لإعلان دعمه له، حيث يتوقع أن يفصح عن موقفه خلال أيام. ومقابل ذلك اختار رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله التغريد منفردا، رغم أنه فضل خيار المقاطعة إلا أنه رفض التنسيق مع حركتي مجتمع السلم والنهضة بشأن هذا الخيار وقرر العمل وحيدا بسبب خلافات تاريخية بين الجانبين. كما زادت هذه الإنتخابات من الإنقسام داخل بقايا الفيس المحل حيث تسير كل طائفة في اتجاه معين بين المقاطعين والداعمين لبوتفليقة مثل الهاشمي سحنوني وقيادات أخرى، رغم عدم جهرها بدعم علي بن فليس بعدُ، إلا أنها تسير في هذا اتجاه مثل عبد القادر بوخمخم. وأكد هذا الموعد الإنتخابي أن التيار الإسلامي يزداد تفرقا من استحقاق إلى آخر بشكل أثر سلبا على تواجده الشعبي في وقت تتواجد قواعده في حالة "استقالة" من العمل السياسي وحتى عدم الإنضباط الحزبي بسبب مواقف قياداته المتذبذب وغير المستقر، فضلا عن فشل محاولات التحالف بينها.