راهن سفير جمهورية العراق بالجزائر السيد العدي خير الله على أن تشهد العلاقات الثنائية تطورا في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن بغداد تتطلّع إلى إقامة علاقة استراتيجية مع الجزائر في إطار الوجدان الشعبي الذي يطغى على هذه العلاقات، كما كشف عن قرب إعادة سفارة الجزائر بالعراق إلى بغداد بعد أن كانت تمارس مهامها انطلاقا من الأردن بسبب الظروف الأمنية في بلاد الرافدين. وأبدى السفير العراقي في المحاضرة التي ألقاها امس بمركز الدراسات الاستراتيجية لجريدة ''الشعب'' تفاؤله بشأن المنحى الذي ينتظر ان تشهده هذه العلاقات التي رشحها لأن تتعزز اكثر بفضل فرص التعاون الاقتصادي المتوفرة في كلا البلدين، حيث تطرق في هذا الصدد الى زيارة وفد اقتصادي جزائري الى بغداد الاسبوع الماضي للاطلاع على مناخ الاستثمار في العراق. من جهة اخرى نفى السيد خير الله ان تكون هناك محاكمات لجزائريين اتهموا بارتكاب جرائم في العراق، موضحا ان الامر يتعلق باعتقالات قامت بها الولاياتالمتحدةالامريكية لأشخاص مشبوهين من جنسيات مختلفة سلمتهم فيما بعد الى السلطات العراقية. واكد ان المحاكم هي محاكم عراقية صرفة ولم يسمح للولايات المتحدة بالقيام بمهمة المحاكمة. كما اشار الى الوضعية الجيدة للسجون في العراق التي وصفها بالخمسة نجوم، قبل ان يضيف بأنه مسموح للجزائر ان تزورها للاطلاع على حقيقة الاوضاع . وفي معرض تناوله لمحاضرته التي تمحورت حول ''مستقبل العراق بعد انسحاب القوات الامريكية''، حمل السفير خير الله النظام السابق مسؤولية الاحتلال بسبب التراكمات التي افرزها الدخول في حروب مع ايران والكويت والولاياتالمتحدة والتي نتجت عنها ايضا مآسي اقتصادية وسياسية ونفسية، بالاضافة الى تدهور الاقتصاد الذي كان يخدم السلطة فقط. كما اشار الى انه في 1991 فرض على العراق توقيع اتفاقية في خيمة صفوان والتي لم يعلن عنها في وقتها، حيت تبين انه تم خلالها بيع الكثير من الاراضي العراقية وآبار النفط بالمجان، مع فرض دفع غرامات مالية كما هو الشأن للكويت الذي دفعت له بغداد 30 مليار دولار كتعويضات جراء الغزو. الى جانب ذلك اوضح المسؤول العراقي ان ادخال العراق في الفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة باعتبارها دولة تهدد الامن العالمي قد رخص استعمال القوة ضده سنة 2003 من قبل الولاياتالمتحدة بمساعدة دول شقيقة تتواجد على ارضها القواعد العسكرية الامريكية، مشيرا الى ان واشنطن تريثت في هذا الامر سنة 1991 قصد تأديب العراق من خلال فرض الحصارعليه. واذ جدد ان العراق قد تم احتلاله بأجندة خارجية لتغيير انظمة المنطقة بالكامل، فإن ذلك انجر عنه -يضيف السفير- دخول الارهاب وإثارة الفتن والفرقة بين المكونات والطوائف العراقية انطلاقا من مبدإ ''فرق تسد''، كما اشار الى ان الكثير من العرب اصبح يتدخل في الشأن العراقي بشكل سلبي ويقاطعونه على اساس انه بلد محتل في الوقت الذي يفترض فيه ان يقاطعوا من تجرأ على احتلال العراق والدول التي ساعدته على ذلك. وقد ابدى السفير العراقي اعتزازه بإخراج المحتل واستعادة السيادة من خلال التوقيع مع الولاياتالمتحدةالامريكية على اتفاق حول قضية الانسحاب سنة ,2008 مضيفا في هذا الصدد ان سيادة العراق اصبحت اليوم افضل من سيادات بعض الدول الاخرى التي بها قواعد. ودافع السيد خير الله عن تغير الاوضاع الى الاحسن في بلاد الرافدين، متهما الاعلام ببعض الدول بتهويل الاوضاع في العراق وتركيزه على القتل والانفجارات، كما اشار الى تنامي الوعي الشعبي لدى المواطنين العراقيين من خلال مساعدة اجهزة الاستخبارات في التبليغ عن الارهابيين . ولم يبد السفير تخوفه من تكرار سيناريو غزو العراق من قبل أي دولة رغم عدم امتلاك بغداد في الوقت الحالي لجيش قوي، كونها تتبع سياسة خارجية متوازنة مع الدول الاخرى وليس لديها أية مشاكل جوارية، قائلا في هذا الصدد: ''من يفكر في غزو العراق فهو مضطر لوضع ألف حساب''. في حين رسم مؤشرات ايجابية على مستقبل العراق بفضل الامكانيات الاقتصادية التي يتوفر عليها، اضافة الى تلاحم الشعب، نافيا في هذا الصدد ان تكون مشكلة تعدد الطوائف عائقا امام تحقيق التعايش، اذ يكفي ان ربع الشعب العراقي مختلط بين سنة وشيعة بفضل زواج عوائل من الطائفتين. اما بخصوص مطالبة الاكراد بالانفصال فقد اشار الى ان الميل الى هذه الفكرة بدا يقل، مضيفا انه بتحقيق المساواة وضمان الحقوق التي يقرها الدستور فلا احد سيفكر في الانفصال. اما بخصوص قضية طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال بتهم تتعلق بدعم الارهاب، فقد اعتبر السفير أن هذه القضية مسألة قضائية بحتة وانه سبق لأحد الوزراء في حكومة المالكي ان صدر في حقه اجراء قضائي مما يعني انه اجراء عادي.