قال محفوظ والحزن بادٍ على ملامح وجهه، إنه لا يفهم ماذا حل بالمصريين، ألم يكونوا شعبا مسالما وصاحب نكتة وروح خفيفة، فكيف تحولوا إلى قتلة بعضهم بعضا؟! كيف نشأت فيهم هذه الرغبة في القتل والتنكيل والانتقام؟! ظل محفوظ يطرح أمامي تساؤلاته وكأنه لا ينتظر (...)
رحت ونجيب نجوب شوارع الجنة النظيفة وحدائقها وبساتينها ثم دعاني إلى شاي معسل في صالون جميل يحمل عنوان صالون الجنة، وكان مليئا بالأدباء والمثقفين والمفكرين ومعظمهم في حالة انتظار ساعة الحساب، ورحمة من ربي تركهم يتنعمون في الجنة باعتبارهم من غير (...)
بينما أنا أدردش مع يوسف سبتي الذي روى لي قصة اغتياله، رأيت شيخا يمر بالقرب منا وهو يحمل طاسا فيه عسل، يسلم يمينا ويسارا على من يمر بهم، ولما اقترب منا، عرفته من أول وهلة، فقلت ليوسف، هل عرفت الرجل؟! فقال يوسف لا أريد أن أتعرف على أحد يا أخي، أنا (...)
اتجهت نحو حديقة صغيرة مليئة بالأشجار المورقة والوديان المتنوعة، وديان اللبن والعسل والخمر والحليب والرايب.. واجتاحتني الرغبة في العوم في أحد هذه الوديان، لكن ما أن رأيت حورية تعوم حتى تراجعت وخجلت، لكن صوتا قال لي، لا تخجل يا صاحبنا، السباحة هنا (...)
اقتربت من مفدي زكرياء وعرفته بنفسي، فرحب بي وسألني إن كانت الجزائر لا زالت تحتفط بنشيد "قسما" كنشيد وطني رسمي، فقلت له طبعا، فارتاح قلبه وبدا على وجهه جذل كبير وقال الحمد الله، الحمد لله... ثم سألني عن السائحي فقلت له أي السائحين، فقال لي الكبير، (...)
ومن بعيد رأيت الشاعر مفدي زكريا، كان هو الآخر برفقة إحدى الحوريات، طويلة، ممشوقة القامة، ذات عينين دعجاوين، وشعر حالك طويل وساقين جميلتين.. يضع ذراعه في ذراعها ويقرأ على مسمعها آخر قصيدة له، يتغنى بعظمة الرب جل جلاله، ونِعَم الجنة، وكان يتحدث إليها (...)
وبينما كان مالك بن نبي والإبراهيمي يغرفان الطاس في واد الخمرة المعتقة حتى اقتربتُ منهما، وما إن رآني الإبراهيمي حتى سألني من أين جئت أيها الغلام؟ فأجبت قائلا.. أنا لست بغلام، أنا مواطن قادم من الجزائر. فقهقه الإبراهيمي ثم نظر إليّ مبحلقا وكأنه لأول (...)
بعد أن تبادلا النكت حول الحوريات والغلمان، قال البشير الإبراهيم لمالك بن نبي.. لماذا يا مالك لم تكن تحب جمعية العلماء وانتقدتها أكثر من مرة، فرد مالك لأن الجمعية كانت انتهازية على المستوى السياسي، وأنك يا شيخ كنت تفضل ابنك في مصر الذي كان يستولي على (...)
كان الحوار ربيعيا، وأغاريد طيور الجنة تملأ الأجواء.. ألوان الطيور غريبة ومثيرة.. وما أثار انتباهي أن ثمة عدة إشارات تدل على الطرق والأمكنة والمسالك.. وكذلك تدل على الأزمنة الأولى التي تلت نزول حواء وآدم من الجنة برفقة الشيطان، والأزمنة المتعددة التي (...)
توفيت على الساعة الخامسة والنصف من شهر نوفمبر، جاء إليّ عزرائيل، نظر إلي وقال هيا اركب، فركبت معه وأخذني إلى هناك، وفي الطريق أخبرني أنه عزرائيل جاء لينقلني من الدار الدنيا إلى عالم الآخرة، وشعرت بالسرور عندما شعرت أنه يخاطبني باحترام ومحبة، وطمعت (...)
دائما جذبتني شخصية أبي العلاء المعري، شاعر التشاؤم والزهد والنأي بالنفس عن فساد الحكام وفتنة المتهافتين على مائدة الدنيا وملذات الحياة، ومن منا الذي لا يذكر سخريته من الحياة الزائلة ومن الأمجاد الزائفة للحكم وأناسه. لقد حبس نفسه في بيته وتجنب (...)